×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حين يصبح الألم معلّمًا

حين يصبح الألم معلّمًا
بقلم / محمد آل حسين 
يولد الإنسان وهو يحمل في أعماقه بذرة سلام، غير أن إيقاع الحياة المتسارع، وتعقيدات الواقع، وصخب الرغبات، تُعكر صفوه شيئًا فشيئًا. تتراكم فوق تلك البذرة طبقات الخوف والقلق والرغبة، حتى تغيب تحت ثقلها، لكنها تبقى ساكنة في الأعماق، تنتظر لحظة صفاء يعيده إلى ذاته من جديد.
السلام الداخلي أسمى قيم الوعي الإنساني، وهو الحالة التي يبلغها الإنسان حين يصالح ذاته ويتصالح مع العالم من حوله.
ذلك السلام لا يعني غياب الألم، بل وعيًا جديدًا، إذ لم يعد الألم خصمًا، بل صار معلمًا يهديه إلى عمق الحكمة.
السلام الداخلي أن تطمئن لأن كل ما يحدث لك ليس عبثًا، وأن ما يؤخّره الله عنك إنما يرفعك به. هو يقين صامت بأنك في رعاية عظيمة، وأنك مهما اضطرب العالم من حولك، ما زلت في موضعك الآمن، وحين يبلغ الإنسان هذا المقام، لا يعود يبحث عن الطمأنينة في الآخرين، بل يصبح هو مصدرها.
تلّك الروح العظيمة، لن تبحث عن الضوء، لأنها أصبحت الضوء ذاته.
لن ترفع صوتها لتُثبت حضورها، يكفي أن تمرّ فتترك في النفوس أثرًا من دفء وسلام.
تسير تلك الروح في دروب الحياة بخفة النسيم، لا تُؤذي أحدًا، ولا تُثقلها أحقاد. تدرك أن كل إنسان يحمل عبئه الخاص، فتختار اللطف بدل الحكم، والتغافل بدل الجدال، والرحمة بدل الغضب.
ومضه:
"فَصَفوُ القلوبِ كنورِ صبحٍ مُشرِقٍ إذا سادَ عَمرٌ في المَوَدَّةِ يُزهرُ".
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر