×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

عريس يكتب نهاية الرجولة

عريس يكتب نهاية الرجولة
 
مشهد يوجع العين ويجرح الذاكرة، يطلّ فيه العريس يوم عرسه لا كفارسٍ يقود مركب الرجولة، بل كتمثال هشّ يتفتت تحت صخب الفلاشات، يسكب دموعه أمام الملأ وكأن الرجولة صفحة قديمة طواها الغبار.

ليست دموع فرح كما يحاولون خداعنا، ولا لحظة إنسانية كما يتوهم المتساهلون، بل هي إعلان صريح لإفلاس رجولي، وسقوط مدوٍّ يُسوّق على أنه بطولة، فيما هو في الحقيقة عرض مجاني للتميع في زمن صار فيه الانهيار مشهدًا يتغنّى به، والضعف تاجًا يُصفّق له.

ليلة كان يُفترض أن تُكتب فيها أولى سطور القيادة تحولت إلى مسرحية هزلية؛ الجمهور يصفّق، والكاميرات توثق، والتاريخ يدوّن: هنا سقط العريس، وهنا بكت الرجولة معه.

أي انحدار أشدّ من أن يصبح العرس جنازة للصلابة، وأي زمن أبشع من زمن تُعرض فيه هشاشة الرجال كأنها ميداليات!

في الماضي، كان الرجل يكتم صوته المكسور، يدفن دمعه كأنه جمر، ولا يسكبه إلا في لحظة فاجعة تقصم الظهر.
أما اليوم، فقد صار الانهيار يُباع على أنه صدق، وصار التميع يُقدَّم على أنه إحساس.
يا له من زمن يخلط بين البطولة والانكسار، ويُلبس الانحطاط ثوب الرجولة!

دموع العريس لم تكن ماءً يطفئ، بل كانت حبرًا أسود كتب نهاية زمن الرجال الصلبة، وافتتاح عصر "الذكورة السائلة"، حيث يُقاد الجيل إلى هاوية بلا مقاومة ولا بوصلة، وكأننا نقرأ فصلًا من فصول آخر الزمان.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر