×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

"المعلم" حاضر بلا حضوري

"المعلم" حاضر بلا حضوري
 
من المؤسف أن يُختزل المعلم، صانع الأجيال وباني العقول، في خانة داخل تطبيق اسمه "حضوري".
وكأن كل ما يقدمه من علم وجهد وتفانٍ لا يُعترف به إلا إذا ضغط زر تسجيل حضور أو انصراف! أي إهانة صامتة هذه؟

المعلم حين يدخل حصته، يشرح، يناقش، ويُقيم طلابه، يكون قد مارس أسمى صور الحضور.
فهل يعقل أن تُعتبر حصته الكاملة غير كافية لإثبات وجوده؟!
أليس الطالب الذي خرج مستفيداً هو أعظم شاهد على حضوره الفعلي؟


الخطورة أن يتحول "حضوري" من وسيلة إلى غاية.
يركض المعلم وراء التطبيق خشية أن يُحسب غائباً، بينما هو واقف أمام عشرات الطلاب يؤدي رسالته.
يصبح النظام أحياناً سيداً والمعلم تابعاً، بينما المنطق يقول إن النظام وُجد لخدمة المعلم لا العكس.

حين يُربط المعلم بتطبيق حضور وانصراف، فإن رسالته السامية تُعامل وكأنها وظيفة مكتبية روتينية.
هذا الانتقاص لا يليق بمقام من يقف أمام الأجيال، ويزرع القيم والمعرفة في قلوبهم وعقولهم.
فالمعلم ليس موظف توقيع، بل قدوة ورسالة.

إن الاعتماد المبالغ فيه على "حضوري" يفرغ العملية التعليمية من روحها، ويُقلص دور المعلم إلى مجرد رقم في سجل إلكتروني.
والحق أن الحصة وحدها تكفي: فهي دليل الالتزام، وبصمة العطاء، وأصدق من أي برنامج يحاول أن يقيّد حضور المعلم أو يقيس انصرافه.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر