×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حين تعود الأماكن.. من يعيد الرفاق؟

حين تعود الأماكن.. من يعيد الرفاق؟
بقلم ✍️ عامر آل عامر 
في زوايا الأمكنة القديمة، تختبئ الذاكرة وتُعلّق على جدران تشقّقها الغياب أكثر من الزمن.
كثيرًا ما نعود إلى أماكن أحببناها، فتبدو لنا مألوفة الملامح، ثابتة المظهر، لكن شيئًا ما فيها قد تغيّر. نقف عند أبوابها فنهمس: "ما أشبه اليوم بالأمس"، ثم نصمت، لأن الوجوه غابت، والأصوات خفتت، والقلوب التي كانت تنبض بالحياة فيها.. رحلت.
إن أعادوا لنا الأماكن، فمن يعيد لنا الرفاق؟
وإن أعادوا لنا البيوت القديمة، فمن يعيد لنا ساكنيها؟
فليس في الجدران حياة، ولا في البلاط دفء، إن لم يسكنها من نحب.
الأرصفة لا تحفظ الذكرى، بل من مشى عليها، وتشارك معنا تفاصيلها.
المشهد ذاته لا يعني شيئًا حين يغيب أبطاله.
الصورة باهتة ما لم تُنرها ابتسامة وجهٍ أحببناه، أو ظلّ خطوة كانت ترافقنا في الطريق.
الناس هم الحياة، وهم الذاكرة الحقيقية.
ما جدوى أن نُرمّم بيتًا إن لم نستطع ترميم نبضٍ كان فيه؟ وما نفع أن نُعيد بناء حارة، إن لم يعد أهلها؟
الذكريات لا ترتبط بالمكان قدر ما ترتبط بمن عاشوا فيه، وشاركوا أرواحنا تفاصيله.
في كل جدار قديم قصة، وفي كل عتبة مهجورة حنين. هناك دعاء أم، ووقفة أب، وضحكة صديق، ونظرة حبيب، ورائحة قهوة تشبه الحنين أكثر مما تشبه القهوة.
تلك اللحظات، وإن رحل أصحابها، تظل تسكننا وتُحيينا.
فالأماكن لا تبكينا، بل من كانوا فيها.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر