×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

بين القائد والمدير : الفرق بين من يُسيِّر ومن يُلهم

بين القائد والمدير : الفرق بين من يُسيِّر ومن يُلهم
بقلم : عامر أل عامر 
ليست الحياة مجرّد خطوط مستقيمة مرسومة بدقة، بل بحر متلاطم من الاحتمالات، يقف فيه البعض على الشاطئ ينظم حركة الموج، بينما يغامر آخرون في الأعماق، يصنعون دروبًا لم تُكتشف بعد.
هنا، يولد الفرق بين المدير والقائد؛ بين من يُدير الحاضر وفق القوانين، ومن يشعل فتيل المستقبل بروح الإلهام.

المدير : الحارس الأمين للأنظمة

المدير هو الحارس الذي يقف عند بوابة النظام، يتأكد أن العجلة تدور دون انحراف، وأن التروس لا تخرج عن مسارها.
هو العين التي تراقب، والعقل الذي يُخطط، واليد التي تُصحح المسار إذا اختل.
يرى العالم كمعادلة دقيقة، كل رقم فيها يجب أن يكون في مكانه الصحيح، وكل خطوة يجب أن تخضع للمقياس المرسوم.

المدير يعرف الحدود، ويرسم الخطوط، ويضع القواعد التي تحكم اللعبة.
يسأل: "هل تسير الأمور كما هو متوقع؟" ويرفض القفز في الفراغ دون حبل أمان.

القائد : إشعال فتيل التحول

أما القائد، فهو الروح التي ترى ما وراء الأفق، هو من لا يكتفي بأن تكون الأمور على ما هي عليه، بل يسأل: "ماذا لو كانت أفضل؟".
لا يُراقب عقارب الساعة، بل يُحرك الزمن نفسه.
لا ينتظر الطريق ليظهر، بل يرسمه بخطاه.

القائد هو ذلك الذي يشعل في الآخرين الحماسة، لا يُعطيهم خرائط للنجاح، بل يجعلهم يؤمنون أنهم قادرون على رسمها بأنفسهم.
لا يُملي عليهم الأوامر، بل يزرع في قلوبهم الشغف.

لا يهاب التغيير، بل يصنعه، لأن الجمود بالنسبة له موتٌ بطيء، والحياة الحقيقية هي تلك التي تُخاض بشجاعة، لا تلك التي تُدار بخوف.

حين يلتقي النظام بالحلم

العالم لا يحتاج إلى قادة فقط، ولا إلى مدراء فقط، بل إلى من يملك حكمة الاثنين.
فمن يضع القوانين دون أن يُلهم، يُجمّد الحياة، ومن يُلهم دون أن يُنظم، يُحرق نفسه في فوضى بلا ملامح.

النجاح ليس أن تختار بين أن تكون قائدًا أو مديرًا، بل أن تتقن الرقص بين الحزم والإلهام، بين التخطيط والتحليق، بين أن تُمسك بالزمام… وأن تترك الريح تحملك حيث لم يتوقع أحد.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر