×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

عندما يتكلّم الجسد بصوت الصمت

عندما يتكلّم الجسد بصوت الصمت
بقلم / لينا عبدالغفور 

يفرض إيقاع الحياة المتسارع على الكثيرين صمتًا ثقيلًا، لا يدل على هدوء بقدر ما يكشف عن تراكمات تُؤجِّل النفسُ الاعتراف بها.
صمتٌ يتسلّل إلى تفاصيل اليوم، ويتحوّل مع الزمن من محاولة للتماسك إلى عبءٍ يثقل الروح، قبل أن يترجمه الجسد إلى إشارات تحذير لا تخطئها العين.
تشير دراسات حديثة إلى وجود ارتباط مباشر بين كبت المشاعر وظهور أعراض جسدية لا تفسير طبيًا واضحًا لها، مثل الأرق المزمن، والصداع المتكرر، واضطرابات الجهاز الهضمي، والإرهاق طويل الأمد.
ويؤكد مختصون أن الجسد قد يبوح أولًا حين يُخنق الصوت الداخلي بالصمت.
وتوضح مختصّة في العلاج النفسي أن تجاهل المشاعر لا يُلغي وجودها، بل يحوّلها إلى آلام تتخفّى تحت أعراض جسدية.
وتشير إلى أن كثيرًا من الحالات التي تصل إلى العيادات تبدأ بشكوى عضوية، ثم يتّضح لاحقًا أن جذورها نفسية، مؤكدة أن الاعتراف بالإجهاد وطلب الدعم المبكر يشكلان حاجز حماية فعّالًا قبل الوصول إلى مراحل الإنهاك.
ويظل الوعي المجتمعي بالصحة النفسية يواجه تحديات متجذّرة، أبرزها النظر إلى البوح باعتباره ضعفًا، وإلى الصمت بوصفه قوة.
غير أن هذه النظرة بدأت تتغير بفضل المبادرات التوعوية واتساع مساحة الحديث عن التجارب الإنسانية عبر المنصات الرقمية.
لقد أسهمت هذه المنصات في كسر حاجز العزلة، عبر إبراز قصص التعافي ومشاركة التجارب الإنسانية المشتركة، ما ساعد كثيرين على إدراك أن الألم ليس عيبًا، وأن الاعتراف به خطوة أولى نحو مسار الشفاء.
ويتفق المختصون على أن التوازن النفسي يبدأ من الإصغاء الصادق للذات، واحترام حدود الطاقة الشخصية، ومنح المشاعر حقها في الظهور دون قمع أو تجاهل.

فالصحة النفسية ليست رفاهية مؤجلة، بل أساسًا جوهريًا لجودة الحياة واستدامة العافية الجسدية.
التعليقات