×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حفظ النعمة وعيٌ مجتمعي يبدأ من القيم

حفظ النعمة وعيٌ مجتمعي يبدأ من القيم
بقلم / لينا عبدالغفور 

يُعدّ حفظ النعمة أحد أبرز القيم الإنسانية والاجتماعية التي تعكس مستوى الوعي والرقي في المجتمعات، إذ لا يقتصر على كونه سلوكًا يوميًا، بل هو وعيٌ عميق وشكرٌ عملي يُترجم إلى أفعال تتجاوز حدود الأقوال. ويبدأ هذا المفهوم بالاعتراف بفضل الله، ثم بصيانة النعمة من الهدر، واستخدامها باعتدال، ومشاركتها مع من يحتاج، فالنعمة إن شُكرت دامت، وإن أُهملت زالت.

وتُعد التربية المبكرة الركيزة الأساسية في ترسيخ مفهوم حفظ النعمة، حيث تُغرس هذه القيمة في البيوت قبل المدارس، حين ينشأ الطفل على احترام الطعام، وتقدير الجهد المبذول في توفيره، وإدراك أن النعمة أمانة لا يُستهان بها. فالقيمة تسبق المثال، وما يُزرع في الصغر ينعكس سلوكًا واعيًا في الكبر، ليسهم في بناء وعي مجتمعي يحفظ النعم ويصونها.

وفي هذا السياق، تكشف التجربة العملية في القطاع الفندقي عن تحديات واضحة تتعلّق بالإسراف، نتيجة ضعف الوعي الاجتماعي بمفهوم حفظ النعمة. فقد لوحظ أن بعض الضيوف يضعون في صحونهم كميات تفوق حاجتهم الفعلية، لتنتهي هذه النعم مهدرة دون تقدير لقيمتها، في مشهد يتنافى مع مبادئ الاعتدال والمسؤولية.

وتؤكد هذه الممارسات الحاجة الملحّة إلى تعزيز ثقافة الاعتدال في الاستهلاك، ونشر الوعي بأهمية الاكتفاء بالقدر الكافي، فالقليل الذي يُقدَّر أكرم من الكثير الذي يُهدر. ويبقى حفظ النعمة مسؤولية فردية وجماعية، تعكس احترام الإنسان لنعم الله، ووعيه بدوره في الحفاظ عليها للأجيال القادمة.
التعليقات