انهيار تجربة المريض بصحة جازان

لا تُقاس جودة المنظومة الصحية بعدد الأسرّة ولا بتكدّس الأجهزة، بل تُقاس بتجربة المريض حين يكون في أضعف حالاته هناك، حيث الألم لا يحتمل التأجيل، تُختبر الأنظمة على حقيقتها.
وفي صحة جازان، يبدو أن هذا الاختبار يُعاد رسوبه بلا اعتذار.
القصة تبدأ بمريض يعاني من كسور في الضلع الرابع والخامس، حالة طبية واضحة تستوجب الراحة التامة. الاستشاري المختص يوصي بذلك ويمنح المريض إجازة مرضية.
قرار طبي سليم… لكنه يظل حبيس الذاكرة لا النظام.
في اليوم الثاني والثالث، يتنقّل المريض بين المكاتب بحثًا عن الإجازة وعن الاستشاري.
لا إجابة لا تنفيذ، المدير الطبي بلا أدوات، ومدير التقارير بلا أثر.
إدارة تدور في مكانها بينما الألم يمشي على قدمين.
وأثناء هذه الرحلة، طُلب من المدير الطبي المناوب باعتباره حلقة الوصل المفترضة التواصل مع الاستشاري الذي عاين الحالة.
كان الرد صادمًا في بساطته: «والله ما أعرف رقمه».
وحين سُئل عن موعد وجوده، جاءت الإجابة الأكثر إحباطًا: «الله أعلم».
عند هذه النقطة، لا يعود السؤال عن غياب الإجازة، بل عن غياب الحد الأدنى من التنسيق الداخلي، وعن منظومة يعمل أفرادها بلا قنوات اتصال واضحة، وكأن كل طبيب جزيرة معزولة.
وفي قسم التقارير، يتفاقم المشهد. يدخل أحد المراجعين منفعلًا ليكتشف أن التقرير الطبي الذي يحمله لا يخص والدته أصلًا، بل لمريضة أخرى تشترك معها في الاسم الأول.
خطأ جسيم في مطابقة الهوية، لا يمس الخدمة فقط، بل يهدد سلامة المرضى وخصوصية بياناتهم.
هنا يصبح السؤال أخلاقيًا قبل أن يكون إداريًا: كيف تُدار ملفات المرضى؟
ثم تأتي الصدمة الأكبر، يفيد موظف التقارير أن الطبيب الذي عاين الحالة لم يُدخل الإجازة المرضية في النظام.
المشهد بأكمله لا يعكس نقصًا في الإمكانات، بل اختلالًا في الثقافة الإدارية: لا تواصل بين الأطباء، لا تتبع للحالات، أخطاء هوية تُمرَّر، النتيجة طبيعية ومؤلمة في آن واحد: مريض يعلن “التوبة” عن العودة، حتى لو كان على فراش الموت.
ليس تهويلًا، بل خلاصة تجربة.
حين يصل المريض إلى هذه القناعة، فالمشكلة لم تعد في إجراء ناقص أو موظف مخطئ، بل في نموذج خدمة لم يعد يرى الإنسان… بل يراه عبئًا.
وفي صحة جازان، يبدو أن هذا الاختبار يُعاد رسوبه بلا اعتذار.
القصة تبدأ بمريض يعاني من كسور في الضلع الرابع والخامس، حالة طبية واضحة تستوجب الراحة التامة. الاستشاري المختص يوصي بذلك ويمنح المريض إجازة مرضية.
قرار طبي سليم… لكنه يظل حبيس الذاكرة لا النظام.
في اليوم الثاني والثالث، يتنقّل المريض بين المكاتب بحثًا عن الإجازة وعن الاستشاري.
لا إجابة لا تنفيذ، المدير الطبي بلا أدوات، ومدير التقارير بلا أثر.
إدارة تدور في مكانها بينما الألم يمشي على قدمين.
وأثناء هذه الرحلة، طُلب من المدير الطبي المناوب باعتباره حلقة الوصل المفترضة التواصل مع الاستشاري الذي عاين الحالة.
كان الرد صادمًا في بساطته: «والله ما أعرف رقمه».
وحين سُئل عن موعد وجوده، جاءت الإجابة الأكثر إحباطًا: «الله أعلم».
عند هذه النقطة، لا يعود السؤال عن غياب الإجازة، بل عن غياب الحد الأدنى من التنسيق الداخلي، وعن منظومة يعمل أفرادها بلا قنوات اتصال واضحة، وكأن كل طبيب جزيرة معزولة.
وفي قسم التقارير، يتفاقم المشهد. يدخل أحد المراجعين منفعلًا ليكتشف أن التقرير الطبي الذي يحمله لا يخص والدته أصلًا، بل لمريضة أخرى تشترك معها في الاسم الأول.
خطأ جسيم في مطابقة الهوية، لا يمس الخدمة فقط، بل يهدد سلامة المرضى وخصوصية بياناتهم.
هنا يصبح السؤال أخلاقيًا قبل أن يكون إداريًا: كيف تُدار ملفات المرضى؟
ثم تأتي الصدمة الأكبر، يفيد موظف التقارير أن الطبيب الذي عاين الحالة لم يُدخل الإجازة المرضية في النظام.
المشهد بأكمله لا يعكس نقصًا في الإمكانات، بل اختلالًا في الثقافة الإدارية: لا تواصل بين الأطباء، لا تتبع للحالات، أخطاء هوية تُمرَّر، النتيجة طبيعية ومؤلمة في آن واحد: مريض يعلن “التوبة” عن العودة، حتى لو كان على فراش الموت.
ليس تهويلًا، بل خلاصة تجربة.
حين يصل المريض إلى هذه القناعة، فالمشكلة لم تعد في إجراء ناقص أو موظف مخطئ، بل في نموذج خدمة لم يعد يرى الإنسان… بل يراه عبئًا.