×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الله ينظر إلى السرائر… والناس تنظر إلى المظاهر

الله ينظر إلى السرائر… والناس تنظر إلى المظاهر
بقلم : عامر آل عامر 
في عالمٍ يزدحم بالضوضاء والأعين والحكم السريع، يقف الإنسان بين صورتين: صورة يراها الناس، وصورة لا يعلم حقيقتها إلا الله.
وما بين الصورتين مسافة تُقيم فيها القلوب، وتُوزن فيها الأعمال، وتُعرف عندها حقيقة الإنسان.

منذ كان البشر، ظلّ وهج السمعة يغري النفوس، يرفع أقوامًا ويجرّ آخرين إلى الوهم.
لكن الحقيقة التي لا تتغير، أن العبرة ليست بما يُكتب في أعمدة المدح، ولا بما يُتداول في المجالس، ولا بما يلمع على صفحات التواصل.
العبرة بمن أنت عند الله، حين تُطوى الصحائف، وتصمت الأصوات، ولا يبقى إلا نورٌ يشهد أو ظلامٌ يفضح.

كم من إنسانٍ ذاع صيته في الأرض، وهو مجهول في السماء.
وكم من قلبٍ خفيّ، لا يعرفه أحد، لكنه عند الله مذكور، وعند الملائكة معروف.
إن الله وحده يعلم من يعمل له، ومن يعمل للناس، ومن يرى الناس ولا يرى الله.

إن أخطر ما يُبتلى به المرء، أن يعتاد أن يظهر للناس بخيرٍ لم يعمله لله، وأن يخفي عن ربه سوءًا لا يخشاه إلا في أعين البشر.
فيصبح عبدًا لصورته، لا لعبادته؛ وسجينًا لمظهره، لا لضميره؛ وراكضًا وراء مدحٍ لا يغير عند الله مقدار ذرّة.

ولو اجتمع الناس كلهم على الثناء عليك، لم ينفعوك بشيء إن لم تكن عند الله مقبولًا.
ولو اجتمعوا كلهم على ذمّك، لم يضروك بشيء إن كنت عند الله صادقًا.
إنما الخسارة الحقيقة، أن تكون محبوبًا عند الناس، مجهولًا عند الله.
وإنما الربح العظيم، أن يُناديك الله باسمك في السماء، ولو لم يعرفك أحد في الأرض.

يا قارئ الحقيقة،
اضبط نيتك كل فجر، واسأل قلبك قبل عملك: لمن أفعل؟ ولمن أكتب؟ ولمن أتجمّل؟
واجعل صلاحك لله، لا للناس؛ واجعل عزمك له، لا لغيره.
فإن الله لا ينظر إلى لمعانك أمام البشر، بل إلى حقيقتك حين تخلو به.
والناس يذكرون ما يرونه بعيونهم، أما الله فيذكر ما يراه في قلبك.

إن أجمل ما يمكن أن يبلغه الإنسان، ألا يكون مهمومًا بكيف يراه البشر، بل بكيف يراه الله.
وأخطر ما يمكن أن يقع فيه، أن يخاف من الناس أكثر مما يخاف من خالقه.

وهكذا قال لقمان لابنه: إياك أن تري الناس أنك تخشى الله، وقلبك بعيد عنه. فإن هذه هي الخسارة التي لا تُجبر، والظلمة التي لا تُضيء، والسقوط الذي لا ينهض صاحبه إلا برحمة الله.

وفي زمنٍ تضجّ فيه المظاهر وتخفت فيه الضمائر، اجعل بصمتك لله وحده.
فمن عرفه الله، لا يهمه أن يجهله الناس.
ومن جهله الله، لن تنفعه شهرة الدنيا كلها.
التعليقات