×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

مهما ابتعدتِ يا نفسي سأكون معكِ

مهما ابتعدتِ يا نفسي سأكون معكِ
بقلم / عبدالله محمد فقيهي 

في زحام الحياة، حيث تتسارع الخطوات وتضيع الملامح بين مسؤولياتٍ لا تنتهي، قد تبتعد النفس عن ذاتها دون أن تشعر ،تنشغل بما حولها حتى تنسى ما بداخلها، وتلهث خلف توقعات الآخرين حتى تتمزق بين ما تريد وما يُراد لها ، ومع ذلك يبقى هناك وعدٌ خفي، عهدٌ صادق لا يسمعه أحداً سواكَ.

هناك لحظات تتوه فيها النفس عن طريقها، تبحث عن مرفأ، عن كلمة، عن يدٍ تُربت على كتفها، ولا تجد سوى صوت داخلي ضعيف يحاول النجاة، وفي تلك اللحظات، يدرك الإنسان أن أقوى أنواع الدعم هو ما يمنحه لنفسه، وأن أقرب صديق له يمكن أن يحافظ عليه هو ذاته التي تسكنه.

أحيانًا تبتعد لا لأنها تريد الرحيل، بل لأنها تشتاق للسكينة التي فقدتها، وللراحة التي لم تعد تجدها وسط ضجيج الحياة ، تبتعد لأنها تبحث عن مساحة تتنفس فيها، عن طمأنينة نقية تُعيد ترتيب نبضها، وهنا يكون دورك أن تقول لها:
تعالي لقد أُرهقتِ، وأنا وحدي القادر على احتضانك.

ومهما قست الأيام، ستبقى أنت الملاذ الأخير لنفسك،
أنت من يرمم انكساراتها، ويعيد لملامحها الوهج، ويمنحها ذاك الشعور العميق بالأمان، لا تنتظر أن يفهمك الجميع، ولا تتوقع أن يشاركك أحد أثقال قلبك كما تفعل أنت، فالحياة تُعلّمنا دومًا أن أقوى علاقة هي علاقة الإنسان بذاته، وأن أقرب الطرق للشفاء تبدأ من الداخل.

النفس كطفلةٍ تُعاند حين تُهمَل، وتلين حين تُحتضن

في نهاية الرحلة
لن تبقى معك إلا نفسك.

فكن رفيقها الأوفى، واحملها بلطف، وامنحها الوقت الذي تستحقه.

وطمئنها كل صباحٍ قائلاً :

مهما ابتعدتِ يا نفس سأكون بجانبكِ دوماً.
التعليقات