النكران بين رفعة النفس ودناءة الخصومة

بقلم / ظافر الشهراني
النكران كلمة واحدة لكنها تحمل وجهين متناقضين تمامًا، وجه يعلو بصاحبه، وآخر يجره إلى دركات الخسة، فهو من الصفات التي تكشف جوهر الإنسان حين يشتبك مع المواقف، ويُختبر بالمعاملات، وتُساق إليه الأيام لتظهر ما في قلبه.
النوع الأول هو نكران الذات، وهو خلق الأنقياء، الذين يقدّمون العطاء ولا ينتظرون تصفيقًا ولا عرفانًا، يضعون القيمة قبل الشهرة، والعمل قبل الضجيج، والنية قبل المكاسب ،هذا النكران هو جوهر الإخلاص، وهو الذي يرفع المرء في عين الله قبل أن يرفعه في أعين الناس، فمن ينكر ذاته لا يبيع فضله ولا يعدد مواقفه، لأنه يعرف أن العمل الذي يُبتغى به وجه الله لا يُرفع إلا إذا أُخفي، ولا يبقى إلا إذا تجرد صاحبه.
أما النوع الثاني فهو نكران الصنيع والمعروف، وهو الداء الذي ينخر العلاقات، ويمزق الود، ويكشف خفايا النفوس. هذا النوع مذموم لأنه من الفجور في الخصومة، ومن ضعف البصيرة، ومن سوء الأخلاق ، ومن المؤلم فيه أنك قد تبذل وتعطي وتقف وتعين، ثم إذا وقع موقف عابر، أو ساء فهم، أو اصطدمت رغبات، أُلغي كل ما قدمت وكأنك لم تفعل شيئًا ! تُمسح مواقف العطاء بسبب لحظة غضب أنت نفسك قد تكون سببها، وهذه ليست خصومة شريفة، بل خصومة تهدم ولا تبني، وتعمي ولا تبصر.
والأدهى من ذلك أن بعض الناس يتخذ من بعض المواقف سلاحًا ليحجر على الآخرين، يظن أنه يملك رقابهم، فيحاسبهم على خياراتهم، ويحاصرهم بمواقفه، ويغلق عليهم منافذ الحياة.
الحقيقة الجلية أن هذا الحجر حيلة الضعفاء، لأن من عجز عن الاحتواء لجأ إلى الإلغاء، ومن لم يستطع أن يبني روابط سليمة حاول أن يقيد الآخرين باسم الوفاء والحقوق.
خلق الله الناس أحرارًا، وولدتهم أمهاتهم أحرارًا، فلا يحق لأحد أن يصادر حق أحد في أن يتحرك حيث يرى مصلحته، أو يذهب حيث يجد فرصته، أو يرتبط بمن يكمل طريقه. العلاقات تقوم على الرضا، والقلوب تُفتح بالمعروف، وليست بالسلاسل.
حين يقرر شخص أن يسلك طريقًا يرى فيه الخير لنفسه، فهو لا يخطئ، بل يمارس حقًا منحه الله له، ولا يحق للآخر أن يجرمه أو يعيّره أو يمن عليه بما مضى.
"لا خيل عندك تهديه ولا مال فلتحسن النطق إن لم تحسن الحال"
إن قيمة الإنسان لا تقاس بما يأخذه، بل بما يتركه من أثر، ولا بما يطالب به، بل بما يقدمه دون انتظار مقابل، والنفوس الكبيرة تعرف أن المعروف حين يُهدى لله لا يضيع، وأن العطاء الذي يُنسى في الأرض يُحفظ في السماء.
الخلاصة أن نكران الذات رفعة، ونكران المعروف خسة، وأن من يريد أن يكسب الناس لا يحجر على أحد، ولا يجعل من عطائه قيدًا، ولا من مواقفه سوطًا، لأن القلب الذي أعزه الله لا يتعلق بربطات البشر.
هذا هو الطريق الواضح: اعمل واحتسب، وأعط وارتق، ودع الناس يذهبون حيث يشاؤون، فالطريق لا يضيق إلا على من ضاقت عليه نفسه.
النكران كلمة واحدة لكنها تحمل وجهين متناقضين تمامًا، وجه يعلو بصاحبه، وآخر يجره إلى دركات الخسة، فهو من الصفات التي تكشف جوهر الإنسان حين يشتبك مع المواقف، ويُختبر بالمعاملات، وتُساق إليه الأيام لتظهر ما في قلبه.
النوع الأول هو نكران الذات، وهو خلق الأنقياء، الذين يقدّمون العطاء ولا ينتظرون تصفيقًا ولا عرفانًا، يضعون القيمة قبل الشهرة، والعمل قبل الضجيج، والنية قبل المكاسب ،هذا النكران هو جوهر الإخلاص، وهو الذي يرفع المرء في عين الله قبل أن يرفعه في أعين الناس، فمن ينكر ذاته لا يبيع فضله ولا يعدد مواقفه، لأنه يعرف أن العمل الذي يُبتغى به وجه الله لا يُرفع إلا إذا أُخفي، ولا يبقى إلا إذا تجرد صاحبه.
أما النوع الثاني فهو نكران الصنيع والمعروف، وهو الداء الذي ينخر العلاقات، ويمزق الود، ويكشف خفايا النفوس. هذا النوع مذموم لأنه من الفجور في الخصومة، ومن ضعف البصيرة، ومن سوء الأخلاق ، ومن المؤلم فيه أنك قد تبذل وتعطي وتقف وتعين، ثم إذا وقع موقف عابر، أو ساء فهم، أو اصطدمت رغبات، أُلغي كل ما قدمت وكأنك لم تفعل شيئًا ! تُمسح مواقف العطاء بسبب لحظة غضب أنت نفسك قد تكون سببها، وهذه ليست خصومة شريفة، بل خصومة تهدم ولا تبني، وتعمي ولا تبصر.
والأدهى من ذلك أن بعض الناس يتخذ من بعض المواقف سلاحًا ليحجر على الآخرين، يظن أنه يملك رقابهم، فيحاسبهم على خياراتهم، ويحاصرهم بمواقفه، ويغلق عليهم منافذ الحياة.
الحقيقة الجلية أن هذا الحجر حيلة الضعفاء، لأن من عجز عن الاحتواء لجأ إلى الإلغاء، ومن لم يستطع أن يبني روابط سليمة حاول أن يقيد الآخرين باسم الوفاء والحقوق.
خلق الله الناس أحرارًا، وولدتهم أمهاتهم أحرارًا، فلا يحق لأحد أن يصادر حق أحد في أن يتحرك حيث يرى مصلحته، أو يذهب حيث يجد فرصته، أو يرتبط بمن يكمل طريقه. العلاقات تقوم على الرضا، والقلوب تُفتح بالمعروف، وليست بالسلاسل.
حين يقرر شخص أن يسلك طريقًا يرى فيه الخير لنفسه، فهو لا يخطئ، بل يمارس حقًا منحه الله له، ولا يحق للآخر أن يجرمه أو يعيّره أو يمن عليه بما مضى.
"لا خيل عندك تهديه ولا مال فلتحسن النطق إن لم تحسن الحال"
إن قيمة الإنسان لا تقاس بما يأخذه، بل بما يتركه من أثر، ولا بما يطالب به، بل بما يقدمه دون انتظار مقابل، والنفوس الكبيرة تعرف أن المعروف حين يُهدى لله لا يضيع، وأن العطاء الذي يُنسى في الأرض يُحفظ في السماء.
الخلاصة أن نكران الذات رفعة، ونكران المعروف خسة، وأن من يريد أن يكسب الناس لا يحجر على أحد، ولا يجعل من عطائه قيدًا، ولا من مواقفه سوطًا، لأن القلب الذي أعزه الله لا يتعلق بربطات البشر.
هذا هو الطريق الواضح: اعمل واحتسب، وأعط وارتق، ودع الناس يذهبون حيث يشاؤون، فالطريق لا يضيق إلا على من ضاقت عليه نفسه.