×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

محطة العمر الأخيرة لا تنتظر أحدًا

محطة العمر الأخيرة لا تنتظر أحدًا
بقلم : عامر آل عامر 
تمضي بنا الحياة على مهلٍ، كأنها تسرق أعمارنا قطرة قطرة، حتى نصحو ذات يومٍ لنجد أننا أصبحنا غرباء عن أنفسنا.
نمضي في طريقٍ لم نختره كاملًا، بين أحلامٍ تآكلت على رصيف الانتظار، وذكرياتٍ لم تعد تضيء كما كانت.

في زحام التفاصيل، تضيع ملامحنا شيئًا فشيئًا.
نلهث خلف محطاتٍ نعتقد أنها لنا، فإذا بنا نكتشف أنها كانت عبورًا عابرًا لا أكثر.
نمشي بخطواتٍ واثقة ظاهريًا، لكنها في الحقيقة مثقلة بصدى الفرص التي أفلتت، واللحظات التي لم نمنحها ما تستحق من الحياة.

نحاول الهرب من ذاكرتنا، من أرواحنا التي شاخت قبل أوانها.
نتقن الصمت حين كان يجب أن نتكلم، ونتراجع حين كانت الحياة تحتاج منا أن نتقدم.
نغلق أبوابًا كنا نظن أننا سنعود إليها يومًا، لكننا لا نجد الطريق حين نحاول الرجوع.

وفي لحظةٍ فارقة، نصل إلى المحطة الأخيرة. ننظر خلفنا فلا نرى سوى أطيافٍ بعيدة، وقلوبٍ تركناها معلّقة على نوافذ العمر.
ندرك أننا فقدنا الكثير في معارك لم تكن تستحق، وأن العمر لا يمنحنا فرصة ثانية لإعادة البدايات.

ذلك هو وجع الزمن حين يشيخ فينا، لا نملك معه القدرة على استعادة شيء.
لكننا نملك القدرة على أن نكتب… على أن نحكي… على أن نترك أثرًا لا يشيخ.
فالأثر الصادق وحده يبقى، حتى وإن مضى كل شيء.
التعليقات