بين الأنا والأنا.. أيّ أنا بدك ؟

بقلم / خلود عبد الجبار
وصلتني دعوة إلى منزل إحدى قريباتي، فتحمّست لذلك اللقاء العائلي الذي افتقدته منذ زمن ،كنت أظن أنني ذاهبة إلى جلسة دافئة تملؤها الألفة والضحكات، لكن ما إن وطأت قدماي المكان حتى باغتتني صدمة لم أتوقعها، لحسن الحظ أنني أمتلك مهارة التأقلم السريع، فارتديت ابتسامتي وأخذت مقعدي بهدوء.
لم تكن المناسبة عائلية بقدر ما كانت مؤتمرًا صغيرًا للفضول، تُدار فيه الأسئلة كما تُدار فناجين القهوة.
انهالت عليّ الاستفسارات بلا توقف: لا عن صحتي، ولا عن أطفالي، ولا عن تعب الأيام، بل عن آخر أعمالي الإعلامية، وعمّن التقيت ، ومن ظهرت معه، وعن كواليس المهنة التي لا تنتهي.
كانت نظرات النسوة تلمع بشغفٍ غريب، ليس حباً أو إعجاباً ، بل فضولٍ ينهش التفاصيل حتى العظم ، أجبت بابتساماتٍ متقطعة، نصفها مجاملة ونصفها تعب، حتى شعرت للحظة أنني سلعة تُعرض على رفّ الكلام.
وحين إنتهى دوري في الحديث،عادت النسوة إلى أحاديثهنّ التقليدية التي لا تخلو من التكرار.
بدأت المنافسة الهادئة بينهنّ في سرد القصص عن الأزواج والحموات والصبر على مشقّات الحياة، ثم انتقل الحديث إلى بطولات الحمل والولادة، حيث تحوّل المجلس إلى سباقٍ من نوعٍ غريب ، كلّ واحدة تحاول أن تثبت أنها الأكثر وجعًا والأكثر تضحية، وكأنّ الألم صار ميدالية شرف.
في تلك اللحظة شعرت أنني خارج الإطار.
لست ضدّ الحكايات البسيطة، لكنّي أرفض أن تُختصر حياة المرأة في دائرة الألم والشكوى.
نحن أكثر من ذلك بكثير… نحن ضوء وصوت ودهشة.
عدت إلى منزلي، أحمل شيئًا من الفخر وكثيرًا من الأسئلة.
خلعت عباءتي، وأطفأت الأنوار، وأشعلت شمعة تفوح منها رائحة القرفة والتفاح. جلست على أريكتي “الليزي بوي”، وأطلقت لأنغامي العنان. كانت نجوى كرم تغني: «بين الأنا والأنا.. أيّ أنا بدّك؟»، وكأنها تسألني أنا، لا ذلك الرجل المجهول في الأغنية .
تأملت السؤال طويلاً:
أيّ “أنا” أقدّم للناس؟
هل أكون “أنا” الإعلامية التي تظهر مبتسمة واجتماعية في كل لقاء؟
أم “أنا” المرأة والأم العادية التي تحاول أن تبقى قوية وسط تفاصيل الحياة اليومية ؟
هل أكون كما يريدونني… أم كما أريد أنا ؟
رفعت صوت الأغنية، وتركت الشمعة تذوب على مهل، كما تذوب الأقنعة من حولي.
وفي تلك اللحظة تصالحت مع ذاتي، وقرّرت أن أكون كلّ “أناي” دفعة واحدة:
الإعلامية، الأم، المرأة، الطفلة، الحالمة، المرهقة…
فكلّ “أنا” منهنّ تستحق أن تُسمع .
لم تكن المناسبة عائلية بقدر ما كانت مؤتمرًا صغيرًا للفضول، تُدار فيه الأسئلة كما تُدار فناجين القهوة.
انهالت عليّ الاستفسارات بلا توقف: لا عن صحتي، ولا عن أطفالي، ولا عن تعب الأيام، بل عن آخر أعمالي الإعلامية، وعمّن التقيت ، ومن ظهرت معه، وعن كواليس المهنة التي لا تنتهي.
كانت نظرات النسوة تلمع بشغفٍ غريب، ليس حباً أو إعجاباً ، بل فضولٍ ينهش التفاصيل حتى العظم ، أجبت بابتساماتٍ متقطعة، نصفها مجاملة ونصفها تعب، حتى شعرت للحظة أنني سلعة تُعرض على رفّ الكلام.
وحين إنتهى دوري في الحديث،عادت النسوة إلى أحاديثهنّ التقليدية التي لا تخلو من التكرار.
بدأت المنافسة الهادئة بينهنّ في سرد القصص عن الأزواج والحموات والصبر على مشقّات الحياة، ثم انتقل الحديث إلى بطولات الحمل والولادة، حيث تحوّل المجلس إلى سباقٍ من نوعٍ غريب ، كلّ واحدة تحاول أن تثبت أنها الأكثر وجعًا والأكثر تضحية، وكأنّ الألم صار ميدالية شرف.
في تلك اللحظة شعرت أنني خارج الإطار.
لست ضدّ الحكايات البسيطة، لكنّي أرفض أن تُختصر حياة المرأة في دائرة الألم والشكوى.
نحن أكثر من ذلك بكثير… نحن ضوء وصوت ودهشة.
عدت إلى منزلي، أحمل شيئًا من الفخر وكثيرًا من الأسئلة.
خلعت عباءتي، وأطفأت الأنوار، وأشعلت شمعة تفوح منها رائحة القرفة والتفاح. جلست على أريكتي “الليزي بوي”، وأطلقت لأنغامي العنان. كانت نجوى كرم تغني: «بين الأنا والأنا.. أيّ أنا بدّك؟»، وكأنها تسألني أنا، لا ذلك الرجل المجهول في الأغنية .
تأملت السؤال طويلاً:
أيّ “أنا” أقدّم للناس؟
هل أكون “أنا” الإعلامية التي تظهر مبتسمة واجتماعية في كل لقاء؟
أم “أنا” المرأة والأم العادية التي تحاول أن تبقى قوية وسط تفاصيل الحياة اليومية ؟
هل أكون كما يريدونني… أم كما أريد أنا ؟
رفعت صوت الأغنية، وتركت الشمعة تذوب على مهل، كما تذوب الأقنعة من حولي.
وفي تلك اللحظة تصالحت مع ذاتي، وقرّرت أن أكون كلّ “أناي” دفعة واحدة:
الإعلامية، الأم، المرأة، الطفلة، الحالمة، المرهقة…
فكلّ “أنا” منهنّ تستحق أن تُسمع .