×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

كلما ارتفعت… صغرت أصواتهم

كلما ارتفعت… صغرت أصواتهم
بقلم : عامر آل عامر 
في عالم المهن، لا يأتي العدو دائمًا من الخارج مرتديًا قناع العداء الصريح، بل قد يولد من قلب الدائرة نفسها، بين المقاعد المتقاربة، والابتسامات المتبادلة، والحديث المتأنق بعبارات المجاملة.
إنه زميل مهنة يراقبك بصمت، يراك تتقدم، وتضيء الطريق، فيرتجف داخله شيء صغير اسمه الغيرة… ثم يكبر هذا الشيء حتى يتحول إلى ظلٍ كثيفٍ يحاول خنق النور.
الحسد المهني لا يبدأ من فراغ.
إنه يولد لحظة يشعر الآخر أن وجودك وحده يهدد مكانته، لا بكلماتك… بل بأفعالك. لا بخطواتك… بل بوهجك. وهناك، يبدأ مهرجان خفي: تشويه، تحريض، مكائد صغيرة كالإبر، لا تقتل… لكنها تحاول أن تنزف من وهجك القليل.
لكن الحسد مهما اتقن دوره، يجهل شيئًا عظيمًا: أن الضوء لا يُهزم بالظلام، وأن من ارتقى بالصمت لا يُسقطه الضجيج.
من أدرك هذه الحقيقة، لا يدخل معاركهم، لا يشرح نفسه، لا يكشف نواياه. يمضي في طريقه، يزرع إنجازه بصمت، فيختنق الحسد من فرط النور، ويتلاشى الحاقد في ظله هو.
القوة الحقيقية ليست في الانتصار عليهم بالكلام، بل في تجاوزهم دون أن تلتفت. فكلما ارتفعت، صغرت أصواتهم خلفك، حتى تصبح مجرد همسات لا تُسمع.
النجاح لا يلتفت إلى الوراء، لأنه مشغول ببناء الغد، بينما الحاقد عالق في الأمس، يحاول عبثًا أن يطفئ وهجًا لا ينطفئ.
الناجح الحقيقي لا يرد بالحروف، بل بالسطور التي يكتبها الزمن باسمه. هو لا يطارد من يحاربه، بل يجعل نجاحه يمشي أمامه كالراية.
وعندما يعجزون عن اللحاق به، يكتشفون متأخرين أن الضوء لا يُحارب… بل يُحترم.
فاصنع مجدك بلا ضوضاء.
دع بصمتك تتحدث بدلًا منك. ودع حسدهم يذوب في صمتك، كما يذوب الليل أمام شمس الصباح.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر