×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

إلى جنة الفردوس أبا رايد .. غاب الجسد وبقي الأثر والذكر الطيب

إلى جنة الفردوس أبا رايد .. غاب الجسد وبقي الأثر والذكر الطيب
بقلم : عامر آل عامر 
رحمك الله يا أبا رايد، وجعل الجنة مثواك ومأواك، وغفر لك بواسع رحمته التي وسعت كل شيء.
رحلتَ في صمتٍ مؤلمٍ، تاركًا خلفك فراغًا لا يملؤه أحد، ومكانةً رفيعةً لا يمكن أن تتكرر، فقد كنت علمًا بين الرجال، وسندًا بين القبائل، ورمزًا من رموز الوفاء والخلق الرفيع.
لقد فقدت قبيلة بني غنمي أحد رموزها الكبار، رمز كرمٍ ورمز رأيٍ ورمز رجولةٍ ووفاءٍ وحكمة.
فقد كنت يا أبا رايد مثالًا للرجل الكريم الأصيل، وصوت العقل الراجح في مجالس الرأي، وصاحب الحضور المهاب في المواقف الصعبة.
عرفتك القبيلة ركيزةً من ركائزها، وحكيمًا يجمع القلوب بكلمته، ويصلح ذات البين بابتسامته وطيب قلبه.
لقد كنت من أهل الرأي السديد والحكمة الراسخة، لا تُستشار إلا ويُؤخذ برأيك، ولا تُدعى إلى مشورة إلا كنت أوّل من يُسمع له، وأصدق من يُعمل بقوله.
كلمتك كانت فصلًا بين المختلفين، ومنطقك ميزان العدل في المواقف الصعبة، ومتى ما احتدمت الأمور، كان حضورك كافيًا لتهدأ النفوس وتُصلح القلوب.
عرفك الجميع رجل رأيٍ لا يُجارى، وحكيمًا لا يُخطئ التقدير، جمعت بين الأصالة والتجربة، وبين التواضع والهيبة.
كنت قريبًا من الكبير والصغير، حليمًا عند الغضب، متزنًا في القرار، صاحب صدرٍ رحبٍ وقلبٍ عامرٍ بالمحبة.
وفي حياتك يا أبا رايد كنت عنوانًا للكرم والمروءة، تستقبل ضيوفك بابتسامةٍ تسبق الترحيب، وتكرمهم بما يليق بمقامك الرفيع وأصلك الطيب.
ما قصدك محتاجٌ إلا وجد عندك سعةً في العطاء، وما لجأ إليك أحد إلا عاد شاكرًا لجميلك.
كنت تُحب الخير وتفعله بصمت، وتؤثر غيرك على نفسك، فجمع الله لك في حياتك محبة الناس ودعاءهم الصادق بعد رحيلك.
يا أبا رايد، لم تكن رجل قبيلةٍ فحسب، بل كنت رجل وطنٍ وإنسانية، تسعى إلى الخير وتحث عليه، وتفرح لنجاح غيرك كما تفرح لنفسك، وتواسي من أصابه الحزن بكلمةٍ صادقةٍ ودعوةٍ من القلب.
كانت المجالس تأنس بحديثك، والوجوه تشرق عند رؤيتك، فالهيبة كانت تسبق حضورك، والحكمة ترافق حديثك.
كم من موقفٍ صعبٍ اجتزته بثباتك، وكم من قضيةٍ حُلّت برأيك السديد، وكم من كلمةٍ قلتها فكانت دواءً لجراحٍ أو فصلًا في نزاع.
كنت بحقٍّ من الرجال الذين يكتب التاريخ أسماءهم في سجلّ الوفاء والعطاء، لا لأنهم عاشوا طويلًا، بل لأنهم تركوا بصمةً لا تزول.
يا صاحب الخلق النبيل واللسان الطيب، يا من حملت همّ الناس، وسعيت للإصلاح بينهم، وكنت رمزًا للوقار والكرم والمروءة.
نم قرير العين، فقد أديت رسالتك في الحياة بصدقٍ وإخلاص، وكنت نعم الأب، ونعم الأخ، ونعم الصديق والجار والناصح الأمين.
اللهم اجعل قبره نورًا لا ينقطع، وأكرمه بلقاءٍ يليق بصفاء قلبه، واملأ مرقده سكينةً ورحمةً ورضوانًا.
اللهم اجعل ما قدمه من خيرٍ شفيعًا له، وارفـع درجته في عليين، واحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
اللهم اربط على قلوب أهله وذويه، واجزهم على صبرهم خير الجزاء، وامنحهم القوة والإيمان لتجاوز ألم الفقد، وذكّرهم أن من أحببناه في الله لا يغيب، بل يبقى في الذاكرة والدعاء ما حيينا.
سلامٌ عليك يا أبا رايد، يوم عرفناك كريمًا، ويوم ودعناك حليمًا، ويوم نلقاك في دار الخلود التي لا تعب فيها ولا فراق.
ستبقى سيرتك تُروى في المجالس، ويذكرك الناس في أحاديثهم بكل فخرٍ واعتزاز، وستظل روحك الطيبة باقية فينا، ما بقي فينا الوفاء والذكر الجميل.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر