×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

كن الكتاب الذي يقرأه أطفالك كل يوم

كن الكتاب الذي يقرأه أطفالك كل يوم
بقلم : عامر آل عامر 
مهما امتلأت أذهان الأطفال بالقصص عن الصدق، أو امتلأت كتبهم بحِكم الأمانة، فإن الأخلاق ستظل بالنسبة لهم رموزًا باهتة لا معنى لها ما لم يروها تتحرك في سلوكيات من يحبونهم ويقلّدونهم. الطفل لا يتعلم بالوعظ قدر ما يتعلم بالمشاهدة.
عيناه تسجلان أدق التفاصيل، وأذناه تحفظان النبرات، وروحه تتشرب المعاني من مواقفنا لا من خطاباتنا.
حين يرى الصغير أباه يعترف بخطئه أمامه، سيتعلم أن الرجولة لا تعني العصمة من الخطأ بل الشجاعة في الاعتراف به. وحين تراه البنت الصغيرة تلمح أمها تُعيد مالًا سقط من يد بائع، تدرك أن الأمانة ليست سطرًا في كتاب بل فعلًا يضيء في الحياة اليومية.
هذه المواقف العابرة تصنع في وجدان الطفل ما لا تصنعه مئات المحاضرات.
القدوة الصالحة هي ميراث يبقى في النفس، يرافق الطفل أينما ذهب.
فهي تزرع بداخله ميزانًا خفيًا للتمييز بين الصواب والخطأ، دون أن يحتاج كل مرة إلى وصايا جاهزة.
ومن عاش في بيئة يراها متسقة بين القول والفعل، يصبح تلقائيًا أكثر وعيًا بالمسؤولية، وأكثر استعدادًا ليكون حلقة في سلسلة الخير التي تتوارثها الأجيال.
إن الأطفال لا يطلبون من الكبار خطبًا مطولة ولا نصائح متكررة، بل ينتظرون أن يروا فينا انعكاسًا لما ندعوهم إليه.
فليكن حضورنا معهم درسًا عمليًا في الرحمة، وليكن تعاملنا مع الآخرين جسرًا يعلّمهم التسامح، وليكن حديثنا عن القيم منسجمًا مع واقعنا لا متناقضًا معه.
إنها مسؤولية ثقيلة، لكنها أعظم رسالة يمكن أن نحملها: أن نكون نحن الكتاب المفتوح الذي يقرأ فيه أطفالنا معنى الأخلاق.
فلا تكتفِ أن تقول لهم: "كونوا صادقين"، بل كن أنت الصدق في ملامحك.
لا تكتفِ أن تردد: "كونوا رحماء"، بل اجعل الرحمة سمتك في البيت والشارع والعمل.
عندها فقط، تتحول الأخلاق من حروف جامدة إلى حياة نابضة، ويكبر أطفالنا وهم يحملون في أرواحهم صورة نقية عن معنى الفضيلة.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر