×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

التدفق الذهني.. المرحلة الذهبية للإبداع الإنساني

التدفق الذهني.. المرحلة الذهبية للإبداع الإنساني
بقلم / خلود عبد الجبار 
يُعرَّف التدفق الذهني بأنه تلك الحالة الفريدة التي يدخل فيها الإنسان في انسجام كامل مع العمل الإبداعي الذي يمارسه، حيث يذوب داخله وينفصل عن محيطه، وكأنه يتوحد مع الفكرة أو المهمة التي أمامه. إنها لحظة يصبح فيها العقل حاضرًا بكامل طاقته، ويغدو الإبداع فعلًا طبيعيًا يتدفق بلا عناء، كالنهر الذي يجد مجراه بسلاسة.

هذه المرحلة تُسمى أحيانًا بـ المرحلة الذهبية للإبداع، لأنها تمثل ذروة ما يمكن أن يبلغه الإنسان من تركيز وصفاء ذهني. ففيها تتلاشى المشتتات، ويختفي الإحساس بالوقت، ليبقى المبدع في عالم خاص، يجمع بين التحدي والمتعة، وبين الجهد والانغماس. ومن هنا تتولد الأفكار العميقة، وتُنتَج الأعمال الأصيلة التي تحمل بصمة مختلفة وخلودًا يتجاوز لحظتها الزمنية.

الكتّاب والفنانون والموسيقيون، وحتى العلماء والمبتكرون، كثيرًا ما وصفوا هذه اللحظة بأنها أكثر اللحظات صدقًا في مسيرتهم، إذ يشعرون خلالها أن ما يبدعونه لا يأتي فقط من جهدهم، بل من حالة وجدانية عميقة تمنحهم تدفقًا داخليًا لا ينضب. هذه التجربة ترفع مستوى الإنتاج وتمنحه جودة وعمقًا، لأنها نتاج عقل في أعلى درجات التركيز والتناغم مع ذاته.

الأثر الذي يتركه التدفق الذهني على المبدع لا يتوقف عند حدود العمل الفني أو العلمي فحسب، بل يمتد إلى داخله؛ فهو يزرع فيه شعورًا بالرضا والسعادة، ويعزز ثقته بقدراته، ويمنحه طاقة إيجابية تجعله أكثر شغفًا بالحياة وأكثر قدرة على الاستمرار في العطاء. بل إن هذه اللحظات تصبح في ذاكرة المبدع علامات فارقة، يعود إليها كلما احتاج أن يتذكر سبب شغفه بطريقه.

إن التدفق الذهني ليس مجرد حالة عقلية عابرة، بل هو البوابة التي يدخل منها الإنسان إلى أرقى أشكال الإبداع، حيث يذوب الحاجز بينه وبين عمله، فيتحد الاثنان ليشكلا لحظة ذهبية تُترجم إلى إنجاز خالد وأثر باقٍ في ذاكرة الإبداع الإنساني
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر