×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حين يرحل الضوء.. يبقى الأثر

حين يرحل الضوء.. يبقى الأثر
بقلم : عامر آل عامر 
ثمة رحيل لا يُشبهه رحيل، رحيل يترك خلفه فراغًا في الروح لا تملؤه الأيام ولا تسده السلوى.
هناك أشخاص إذا غابوا، لم يتركوا وراءهم مجرد ذكرى، بل تركوا أرواحًا معلّقة بأفقٍ من نور، وسيرةً تُشع في دروب الحياة كأنها قنديل لا ينطفئ.
كان الوالد محمد فايع (شلان) واحدًا من هؤلاء الذين يمشون بين الناس وهم منارات هدى، لا يُسمع صوتهم إلا خافتًا، لكن أثرهم يدوّي في القلوب.
كان قرآنيّ الروح، يفتح المصحف فيشرق وجهه، كأن الكلمات الإلهية انعكست على قسماته، فغدت ملامحه مرآة للسكينة واليقين.
لم يكن الفقيد يعلّم بالكلام، بل بالقدوة.
في هدوئه دروس، وفي تواضعه رسائل، وفي عطائه صورة للإنسان الذي يرى في الحياة محطة عابرة نحو الأبدية.
ابتسامته لم تكن عابرة، بل كانت توقيعًا إلهيًّا على جبينه يخبرنا أن النقاء لا يفنى.
رحيله ليس غيابًا، بل انتقالٌ إلى ضفة أخرى من الوجود، حيث يقطف الصالحون ثمار ما زرعوا.
أما نحن، فنبقى نرتشف من نهر سيرته، ونستضيء بصفاء سريرته، ونور وصاياه الصامتة.
لقد علّمنا أن الرجال لا تُقاس أعمارهم بعدد السنين، بل بقدر ما يخلّفون فينا من أثر.
وإذا كان الموت يُطفئ الجسد، فإن الطيبين يخلّدون بما يزرعونه في قلوب الناس، وبما يسكنونه من محبة لا تزول.
سلامٌ عليه في عليائه، ورحمةٌ واسعة تحيطه حيث حلّ، وجناتٌ تفتح له أبوابها مرحبة.
وإن عزاءنا أن الدنيا لا تفقد أمثال هؤلاء، بل تعلن عن خلودهم كلما ذُكرت سيرتهم، وكلما انبعث النور من وجوه الذين أحبّوهم.

إنا لله وإنا إليه راجعون.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر