×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

العقل.. المخرج الأعظم لمسرحية الأوهام

العقل.. المخرج الأعظم لمسرحية الأوهام
بقلم : عامر آل عامر 
العقل البشري، ذلك الملك المتربع على عرش الإدراك، ليس دائمًا كما نظنه صديقًا وفيًّا للحقيقة.
أحيانًا يكون ممثلًا بارعًا في تقمص دور المرشد الأمين، فيقودك بخطوات واثقة إلى حيث يهوى، لا إلى حيث يجب.
يكسو الوهم بعباءة المنطق، ويصبغ الخطأ بألوان الصواب، حتى تمضي في دروبك معتقدًا أنك تقترب من النور، بينما أنت تترنح في دهاليز الظلام.
المتاهة التي يصنعها العقل
العقل لا يكتفي بخداعك، بل يبرع في إقناعك بأن ما تفكر فيه حق مطلق.
يضع أمامك المبررات كما لو كانت إشارات طريق مضيئة، ويجعلك تعتقد أن كل خطوة تقربك من الصواب.
وحين تدرك الحقيقة، يكون باب العودة قد أُغلق، ويكون الوهم قد رسّخ جذوره في أعماقك.
المخرج الماكر
إنه ممثل ومخرج وكاتب سيناريو في الوقت ذاته. يعيد ترتيب مشاهد حياتك القديمة ليجعل الباطل يبدو بطلاً، والخطيئة بطولة، والانكسار حكمة.
يختلق قصصًا مقنعة إلى حد الإيمان بها، ثم يجلس متفرجًا ساخرًا من يقينك الأعمى، وكأنما يستمتع بمشاهدة بطلك الداخلي وهو ينهار على خشبة مسرح أوهامه.
ذكاء يتحول إلى لعنة
ليس الذكاء ما يحمي صاحبه من هذا الفخ، بل البصيرة.
فكثيرون كانوا عباقرة في فكرهم، لكنهم كانوا أسرى لعقولهم التي خدعتهم بحيل منطقية براقة.
الذكاء غير المنضبط ليس نعمة، بل لعنة تتسلل برفق حتى تحكم قيودها على صاحبها، فيظن أنه سيد أفكاره بينما هو عبد لها.
الحل: بوصلة ترشد العقل
إن العقل يحتاج إلى رقيب، إلى بوصلة تعيد توجيهه كلما حاول الانحراف.
وإلا فإنه سيأخذك ببساطة إلى حيث يشتهي، غير عابئ بما ستخسره في رحلتك، أو بما ستدفعه من روحك مقابل أنانيته.
خاتمة
لا تثق بكل ما يقوله عقلك. راجعه، حاكمه، حاوره، ولا تجعله يقرر مصيرك منفردًا.
فالعقل الذي لا يُراقب يتحول من نعمة هادئة إلى طوفان يجرف صاحبه بعيدًا عن برّ الأمان، إلى محيط من الأوهام لا شاطئ له.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر