“أمي… بين الذاكرة والنسيان"

بقلم : بسما اليامي
حين بدأ الزهايمر يطرق أبواب أمي، لم يكن الأمر سهلاً علينا جميعًا. كنا نراقبها وهي تضع الأشياء في أماكن غريبة، وتنسى أسماءنا أحيانًا، ونظن أن الأمر مجرد “كبر في السن”. لكن الحقيقة كانت أقسى: مرض يسرق الذكريات ويجعل الحاضر ضبابًا والماضي غريبًا.
أمي التي طالما حملت تفاصيل حياتنا في قلبها، لم تعد تتذكر من طبخ الغداء، ولا من عاد متأخرًا من المدرسة، ولا حتى من أحبّت أكثر حين كنّا صغارًا. ومع ذلك، لم يتغيّر إحساسها بنا. كانت تبتسم إذا لمستُ يدها، وتطمئن إذا سمعت صوتي، وكأن القلب يعرف ما عجز العقل عن حفظه.
الزهايمر لم يسرق روحها الحنونة، بل كشف لنا معنى أعمق للعطاء. تعلمت من أمي في هذه المرحلة أن الحب لا يحتاج إلى ذاكرة، وأن وجودها بجانبي ـ ولو نسيت اسمي ـ أكبر من أي فقد. صرتُ أقرأ في عينيها بقايا الحكايات، وأجمع من ابتسامتها شظايا الذكريات التي تبعث في قلبي حياة جديدة.
المرض صعب، لكنه علّمني الصبر، وأعادني إلى حضن أمي بطريقة مختلفة. لم أعد أبحث عن اعترافها بي، أو انتظارها أن تذكر كل التفاصيل، بل صرت أعيش اللحظة معها كما هي: ضحكة مباغتة، كلمة عابرة، أو حتى نظرة قصيرة تحمل بين طياتها حبًا أبدياً.
قصة أمي مع الزهايمر ليست حكاية حزن فقط، بل درس كبير: أن الأم تبقى أمًّا مهما غابت ذاكرتها، وأن البر لا يتوقف عند حدود العقل، بل يبدأ من القلب.
أمي التي طالما حملت تفاصيل حياتنا في قلبها، لم تعد تتذكر من طبخ الغداء، ولا من عاد متأخرًا من المدرسة، ولا حتى من أحبّت أكثر حين كنّا صغارًا. ومع ذلك، لم يتغيّر إحساسها بنا. كانت تبتسم إذا لمستُ يدها، وتطمئن إذا سمعت صوتي، وكأن القلب يعرف ما عجز العقل عن حفظه.
الزهايمر لم يسرق روحها الحنونة، بل كشف لنا معنى أعمق للعطاء. تعلمت من أمي في هذه المرحلة أن الحب لا يحتاج إلى ذاكرة، وأن وجودها بجانبي ـ ولو نسيت اسمي ـ أكبر من أي فقد. صرتُ أقرأ في عينيها بقايا الحكايات، وأجمع من ابتسامتها شظايا الذكريات التي تبعث في قلبي حياة جديدة.
المرض صعب، لكنه علّمني الصبر، وأعادني إلى حضن أمي بطريقة مختلفة. لم أعد أبحث عن اعترافها بي، أو انتظارها أن تذكر كل التفاصيل، بل صرت أعيش اللحظة معها كما هي: ضحكة مباغتة، كلمة عابرة، أو حتى نظرة قصيرة تحمل بين طياتها حبًا أبدياً.
قصة أمي مع الزهايمر ليست حكاية حزن فقط، بل درس كبير: أن الأم تبقى أمًّا مهما غابت ذاكرتها، وأن البر لا يتوقف عند حدود العقل، بل يبدأ من القلب.