×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

"المسلسلات المعربة… بين الإطالة والتجربة المحلية"

"المسلسلات المعربة… بين الإطالة والتجربة المحلية"
بقلم / عبدالوهاب السالم 
ظاهرة درامية تتأرجح بين النجاح الجماهيري والنقد الفني.
يشهد المشهد الدرامي العربي في السنوات الأخيرة تحوّلًا ملحوظًا، تمثّل في تصاعد موجة المسلسلات المعربة، خصوصًا تلك التي تمتد إلى أكثر من تسعين حلقة، وغالبًا ما تكون مقتبسة من أعمال تركية أو لاتينية. هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، بل جاءت استجابةً لاحتياجات إنتاجية وتسويقية فرضتها متغيرات السوق، وفي مقدمتها الطلب المتزايد من المنصات الرقمية وشبكات التلفزيون على المحتوى الطويل.

لكن هذا التوجه، ورغم انتشاره، لم يمر دون إثارة الجدل، إذ تباينت الآراء حوله بين جمهور يرى فيه امتدادًا دراميًا ممتعًا، وآخرين يرونه محاولة مكررة تفتقر إلى الأصالة.

بين القبول والتحفظ
من ناحية التقبّل المجتمعي، لا يمكن إنكار أن بعض هذه الأعمال وجدت لها جمهورًا وفيًا، يفضل الإيقاع البطيء والقصص الممتدة التي تمنح الشخصيات والأحداث مساحة للتطور. إلا أن هذا القبول لم يكن شاملًا، فقد عبّر كثير من المتابعين عن استيائهم من التكرار، والمبالغة في التمديد، وضعف البنية النصية، وهو ما انعكس في تراجع التفاعل مع عدد من هذه المسلسلات، خاصة في ظل توفر خيارات درامية قصيرة ومكثفة على منصات البث.

بين الأرقام والجودة
من وجهة نظر الشركات المنتجة، فإن هذه المسلسلات تُعد ناجحة طالما أنها تحقق نسب مشاهدة مرتفعة وتُسهم في تحقيق عوائد تسويقية مجزية، حتى وإن لم تلقَ رضا النقاد أو المتخصصين. لكن هذه المعادلة، وإن كانت مجدية تجاريًا، لا تصمد طويلًا من الناحية الفنية.
فالنقاد يتفقون على أن المسلسل الطويل يحتاج إلى نص محكم ومتماسك، قادر على شد انتباه المشاهد على مدى عشرات الحلقات، وهو شرط لا يتحقق دائمًا، ما يجعل كثيرًا من هذه الأعمال عبئًا دراميًا يفقد عنصر الجذب بمرور الوقت.

التكييف المحلي… تجارب متفاوتة
في المقابل، نجحت بعض التجارب في تكييف النصوص الأجنبية مع البيئة المحلية، سواء من خلال تعديل الحبكة أو تعزيز الجانب الثقافي والدرامي، مما أكسبها قبولًا أوسع لدى المشاهد. لكن الغالبية العظمى من هذه الأعمال ظلت تدور في فلك “النسخ المعرب”، دون أن تضيف جديدًا أو تُحدث فرقًا يُذكر، ما أبقاها رهينة الأصل الأجنبي من حيث الشكل والمضمون.

دراما اليوم… بحاجة إلى وعي وجرأة
إن ما تحتاجه الدراما العربية اليوم ليس فقط عددًا أكبر من الحلقات، بل وعيًا أعمق في الكتابة، وجرأة في الطرح، وصدقًا في الحكاية. فالمشاهد العربي لم يعد ذلك المتلقي السلبي؛ بل بات أكثر وعيًا وانتقائية، وأقل تسامحًا مع المحتوى المكرر والمستهلك.
الرهان اليوم ليس على “الكم”، بل على “الكيف”، وهذا ما يجب أن تدركه الصناعة الدرامية إذا أرادت الاستمرار والتطور في سوق متغيّر وسريع الإيقاع.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر