الوظيفة لا تبرّر التخلي عن الذات

بقلم - عبدالعزيز الرحيل
قال الله تعالى:
“وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” سورة النحل – الآية 95
قال رسول الله ﷺ:
“لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا.”
رواه الترمذي
في زمن تتسارع فيه الإيقاعات، وتتغير فيه مفاهيم النجاح من جهد وصبر إلى مكافآت فورية ونتائج قابلة للقياس، يجد الموظف نفسه في موقف لا يُحسد عليه. بين خيارين: أن يتمسك بمبادئه وقيمه مهما كلف الثمن، أو أن ينخرط في لعبة السوق وقواعد الرأسمالية التي لا تعترف إلا بالأرقام والمردود المباشر. السؤال ليس نظريًا، بل عملي ويومي يعيشه عدد كبير من الموظفين ممن يجدون أنفسهم مجبرين على تبرير أفعال لا تليق بأخلاقهم، أو السكوت عن قرارات تضر بالصالح العام، فقط لأن “الترقية بيد المدير”، أو “المصلحة فوق كل اعتبار”.
عند أفلاطون….! الانحياز للمال مفسدة لطبيعة النفس، والمبدأ يجب أن يكون جزءًا من النظام الأخلاقي في الدولة والمهنة
او كما قال : إيمانويل كانط …! لا تبرر لنفسك ما لا ترضاه أن يصبح عرفًا عامًا. من هنا، لا يجوز التنازل عن المبدأ لمصلحة شخصية أو ضغط رأسمالي
وبهذا يتبين لنا بأنه لا يحتاج المرء إلى عدسة مكبرة لرؤية المشهد في بيئة العمل المعاصرة. في مؤسسة واحدة، يمكنك أن ترى الموظف الذي لا يزال يعتقد أن النزاهة رأس المال الحقيقي، إلى جوار زميله الذي يردد بثقة أن “الغاية تبرر الوسيلة”. أحدهما يُنجز بإخلاص حتى لو لم يلاحظ أحد، والآخر يُتقن فن الظهور والنتائج السريعة ولو بالتزييف أو المجاملة الزائدة. الصراع هنا ليس خارجيًا فقط، بل داخليًا في أعماق كل موظف، بين صوت الضمير وصوت الحوافز.
ولعل أخطر ما في الأمر أن بيئة العمل أحيانًا تُكافئ النموذج النفعي على حساب النموذج الأخلاقي. تُرقّى من يُجيد تلميع الصورة أكثر من من يُنتج فعليًا. يُكافأ من يتقن “اللعب السياسي” داخل المكتب، بينما يُهمل من يتمسك بالمهنية والوضوح. لكن، هل هذا دائم؟ وهل الرأسمالية وحدها تتحكم في مسارات النجاح؟
ما نحتاجه اليوم ليس فقط طرح الأسئلة، بل إعادة صياغة تعريف النجاح. هل النجاح هو أن ترتفع سريعًا، أم أن تصعد بثبات دون أن تتخلى عن ذاتك؟ هل هو أن تُرضي المدير ولو على حساب مبادئك، أم أن تحافظ على احترامك لنفسك أولًا؟ في العمق، كل موظف يعرف الجواب، لكنه لا يملك دائمًا الشجاعة لتطبيقه.
التمسك بالقيم لا يعني الجمود أو العيش خارج الزمن، بل يعني اختيار طريق أطول لكنه أكثر أمنًا. الرأسمالية ليست شرًا مطلقًا، لكنها تصبح كذلك حين تتحول إلى مبدأ فوق المبادئ. الموظف الذي ينجح دون أن يساوم على ضميره، هو من يستحق الاحترام الحقيقي، حتى لو تأخرت مكافأته.
في نهاية المطاف، لا تُقاس قيمة الإنسان بكم أنجز خلال ربع سنة، بل بكيف أنجز، ولماذا أنجز، وما الذي ضحى به في الطريق. ولعلّ أعظم المكافآت ليست تلك التي تكتب في كشف الرواتب، بل تلك التي تُكتب في داخل الإنسان: راحة ضمير، وثبات موقف، وسمعة لا تهزّها المناصب.
“وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” سورة النحل – الآية 95
قال رسول الله ﷺ:
“لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا.”
رواه الترمذي
في زمن تتسارع فيه الإيقاعات، وتتغير فيه مفاهيم النجاح من جهد وصبر إلى مكافآت فورية ونتائج قابلة للقياس، يجد الموظف نفسه في موقف لا يُحسد عليه. بين خيارين: أن يتمسك بمبادئه وقيمه مهما كلف الثمن، أو أن ينخرط في لعبة السوق وقواعد الرأسمالية التي لا تعترف إلا بالأرقام والمردود المباشر. السؤال ليس نظريًا، بل عملي ويومي يعيشه عدد كبير من الموظفين ممن يجدون أنفسهم مجبرين على تبرير أفعال لا تليق بأخلاقهم، أو السكوت عن قرارات تضر بالصالح العام، فقط لأن “الترقية بيد المدير”، أو “المصلحة فوق كل اعتبار”.
عند أفلاطون….! الانحياز للمال مفسدة لطبيعة النفس، والمبدأ يجب أن يكون جزءًا من النظام الأخلاقي في الدولة والمهنة
او كما قال : إيمانويل كانط …! لا تبرر لنفسك ما لا ترضاه أن يصبح عرفًا عامًا. من هنا، لا يجوز التنازل عن المبدأ لمصلحة شخصية أو ضغط رأسمالي
وبهذا يتبين لنا بأنه لا يحتاج المرء إلى عدسة مكبرة لرؤية المشهد في بيئة العمل المعاصرة. في مؤسسة واحدة، يمكنك أن ترى الموظف الذي لا يزال يعتقد أن النزاهة رأس المال الحقيقي، إلى جوار زميله الذي يردد بثقة أن “الغاية تبرر الوسيلة”. أحدهما يُنجز بإخلاص حتى لو لم يلاحظ أحد، والآخر يُتقن فن الظهور والنتائج السريعة ولو بالتزييف أو المجاملة الزائدة. الصراع هنا ليس خارجيًا فقط، بل داخليًا في أعماق كل موظف، بين صوت الضمير وصوت الحوافز.
ولعل أخطر ما في الأمر أن بيئة العمل أحيانًا تُكافئ النموذج النفعي على حساب النموذج الأخلاقي. تُرقّى من يُجيد تلميع الصورة أكثر من من يُنتج فعليًا. يُكافأ من يتقن “اللعب السياسي” داخل المكتب، بينما يُهمل من يتمسك بالمهنية والوضوح. لكن، هل هذا دائم؟ وهل الرأسمالية وحدها تتحكم في مسارات النجاح؟
ما نحتاجه اليوم ليس فقط طرح الأسئلة، بل إعادة صياغة تعريف النجاح. هل النجاح هو أن ترتفع سريعًا، أم أن تصعد بثبات دون أن تتخلى عن ذاتك؟ هل هو أن تُرضي المدير ولو على حساب مبادئك، أم أن تحافظ على احترامك لنفسك أولًا؟ في العمق، كل موظف يعرف الجواب، لكنه لا يملك دائمًا الشجاعة لتطبيقه.
التمسك بالقيم لا يعني الجمود أو العيش خارج الزمن، بل يعني اختيار طريق أطول لكنه أكثر أمنًا. الرأسمالية ليست شرًا مطلقًا، لكنها تصبح كذلك حين تتحول إلى مبدأ فوق المبادئ. الموظف الذي ينجح دون أن يساوم على ضميره، هو من يستحق الاحترام الحقيقي، حتى لو تأخرت مكافأته.
في نهاية المطاف، لا تُقاس قيمة الإنسان بكم أنجز خلال ربع سنة، بل بكيف أنجز، ولماذا أنجز، وما الذي ضحى به في الطريق. ولعلّ أعظم المكافآت ليست تلك التي تكتب في كشف الرواتب، بل تلك التي تُكتب في داخل الإنسان: راحة ضمير، وثبات موقف، وسمعة لا تهزّها المناصب.