×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

"خلك قريب… بس خلك مدير"

"خلك قريب… بس خلك مدير"
بقلم : علي عبيد الشمري 
في بيئة العمل الصحية، يسود التقدير للمدير المتفهم، الذي يبتسم، يستمع، ويشارك فريقه اللحظات بروح إيجابية واحترام متبادل. المدير الجيد يُلهم من حوله، ويمنح الفريق طاقة إيجابية تدفعهم للعمل بإخلاص، لا بدافع الخوف، بل بالمحبة والانتماء.

ورغم أهمية القرب الإنساني بين المدير وفريقه، تظل هناك حدود مهنية دقيقة لا بد من احترامها لضمان استمرارية البيئة الإيجابية واستقرار العلاقات.
من أبرز هذه الخطوط: الابتعاد عن الاستلاف المالي بين المدير والموظف، وتجنّب تحويل العلاقة المهنية إلى صداقة شخصية مفرطة.

أولًا: الاستلاف من الموظف ليس في مكانه

المدير هو قدوة ومسؤول، وعندما يطلب سلفة من أحد موظفيه — حتى إن كانت بسيطة أو بحسن نية — فإنه يضع الموظف في موقف بالغ الحساسية:
هل يرفض الطلب ويخشى أن يُساء فهمه؟ أم يوافق وهو في داخله غير مرتاح؟
النية قد تكون سليمة، لكن الموقف بحد ذاته يحمل الكثير من الالتباس.

يختلف الاستلاف بين الزملاء — حين تكون بينهم علاقة طويلة وميانة مبنية على ثقة — عن الاستلاف من مدير مباشر. فالعلاقة هنا غير متكافئة: هناك تقييم، صلاحيات، وسلطة. وهذا ما يجعل الموظف يشعر بالحذر، وقد يؤثر ذلك على أداءه وثقته بنفسه، وحتى على ديناميكية الفريق.

ويزداد الأمر تعقيدًا عندما تكون العلاقة بين المدير والموظف لا تزال في بدايتها، دون معرفة كافية أو مساحة للراحة.
في مثل هذه الحالات، قد تنكشف الطباع الحقيقية مبكرًا، وتتحول العلاقة من إطارها المهني إلى عبء اجتماعي، يُثقل الطرفين ويشوّش الحدود.

لهذا، من الأفضل أن تُبقي الأمور المالية خارج نطاق العلاقة بين المدير وموظفيه، حفاظًا على المهنية والراحة النفسية للجميع.

ثانيًا: الصداقة المقرّبة بين المدير والموظف

أن يكون المدير قريبًا من فريقه، يتابع أحوالهم ويشاركهم لحظات إنسانية، هو أمر رائع. لكن هناك فرق واضح بين قرب مهني راقٍ، وصداقة شخصية مقرّبة.

الصداقة الشخصية قد تُربك الأدوار، وتجعل من الصعب على المدير اتخاذ قرارات حاسمة، أو تقديم ملاحظات نزيهة، أو توزيع المهام بعدالة. وبالمقابل، قد يتردد الموظف في التعبير عن رأيه أو وضع حد لبعض الطلبات

ختامًا…

القيادة ليست في القرب فقط، بل في الوعي العميق بمتى وأين يكون القرب مناسبًا.
المدير الناجح هو من يُدرك أن قوة العلاقة لا تُقاس بمدى “الراحة الشخصية”، بل بقدر ما تمنح فريقه بيئة عادلة، واضحة، وآمنة.

أن تكون قريبًا من فريقك لا يعني أن تخلط بين الدور المهني والارتباط الشخصي، ولا أن تُحمّل الموظف ما لا يُفترض أن يكون من مسؤوليته.
كل علاقة مهنية ناجحة تبدأ من احترام الحدود، والحرص على بقاء الأدوار واضحة، والقرارات نزيهة.

خلك قريب… بابتسامتك، بعدلك، بتفهّمك.
بس خلك مدير… بموقفك، بحكمتك، وبقدرتك على حماية المسافة اللي تخلي كل شيء في مكانه.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر