×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

صداقة رقمية بوجهين :تواصل دائم أم قطيعة صامتة ؟

صداقة رقمية بوجهين :تواصل دائم أم قطيعة صامتة ؟
إعداد : ناجي الخلف 
في عصر تسوده السرعة وتُختزل فيه المشاعر برموز تعبيرية أعادت وسائل التواصل الاجتماعي تشكيل مفهوم الصداقة بشكل غير مسبوق إذ أصبح بالإمكان أن يرتبط الإنسان بمئات الأصدقاء في العالم الرقمي بينما قد يفتقد وجود صديق حقيقي يجلس بجانبه في أوقات الحاجة .

شهد مفهوم الصداقة تحولًا عميقًا خلال العقدين الماضيين مع تطور شبكات التواصل مثل فيسبوك وإنستغرام واتساب و سناب شات إذ وفّرت هذه المنصات بيئة خصبة للتعارف والتواصل المستمر لكنها في ذات الوقت فرضت شكلاً جديدًا من العلاقات قد يغيب عنه البُعد الإنساني العميق .

تشير دراسات اجتماعية حديثة إلى أن الأشخاص الذين يعتمدون بشكل كبير على التواصل الرقمي يعانون في الغالب من الوحدة رغم كثرة أصدقائهم الافتراضيين إذ تُظهر الإحصاءات أن نسبة كبيرة من المستخدمين يشعرون بضعف الروابط الحقيقية وعدم وجود من يمكنهم اللجوء إليه عند الشدائد .

من جانبها ترى الأخصائية الاجتماعية الدكتورة أمل الحربي أن الصداقة عبر وسائل التواصل ليست سلبية بالمطلق بل قد تكون بداية لعلاقة حقيقية متى ما انتقلت إلى الواقع لكنها تحذر في الوقت ذاته من الانخداع بالمظاهر الرقمية، حيث تقول: الإعجابات لا تعني اهتمامًا والمحادثات السريعة لا تصنع علاقة عميقة .

وفي ظل هذا التغير يبرز جيل جديد يعوّل كثيرًا على هذه المنصات في بناء علاقاته خاصة في بيئات العمل والدراسة عن بُعد مما يضع أمام المجتمعات مسؤولية تعزيز التوازن بين الرقمي والواقعي وتنمية مهارات التواصل الحقيقي لدى الشباب .

الصداقة في زمن وسائل التواصل ليست ظاهرة سلبية بحد ذاتها بل هي انعكاس لعصر تغيرت فيه أدوات التعبير وأشكال العلاقات ما يستدعي الوعي الكامل بتحديات هذا التحول وإعادة ترميم المعنى الحقيقي للصداقة في عالم تتناقص فيه اللقاءات الواقعية وتزداد فيه الروابط الافتراضية .


تبقى الصداقة رغم كل التغيرات قيمة إنسانية لا يمكن أن تُستبدل بتقنية ولا تُختصر في إشعار أو رد سريع بل هي شعور حي يحتاج إلى وقت وصدق ووجود حقيقي يتجاوز الشاشات والهواتف .
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر