×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

*كسوة الكعبة المشرفة: ثوب العزة والهيبة يتجدد مع مطلع كل عام هجري*

*كسوة الكعبة المشرفة: ثوب العزة والهيبة يتجدد مع مطلع كل عام هجري*
بقلم : سيار عبدالله الشمري 
في مشهد مهيب يجسد قدسية المكان وعمق الرمزية الدينية، ترتدي الكعبة المشرفة ثوبها الجديد المصنوع من أفخر أنواع الحرير الطبيعي الموشح بأسلاك الذهب والفضة، وذلك مع مطلع كل عام هجري جديد. إنها عادة سنوية تتكرر في أول أيام شهر محرم، إيذانًا ببدء عام هجري جديد، ورسالة خالدة عن شرف المكان وخصوصيته لدى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

*الكعبة المشرفة… قبلة القلوب والأنظار*

تعد الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس لعبادة الله، وهي قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها في صلواتهم، ومهوى أفئدتهم في الحج والعمرة. وقد أولى المسلمون على مر العصور عناية بالغة بكل ما يتعلق بها، وعلى رأس ذلك كسوتها التي ترمز إلى التعظيم والإجلال والتجديد الروحي في كل عام.

*الثوب الأغلى والأندر في العالم*

تُعد كسوة الكعبة المشرفة من أثمن وأندر الأثواب في العالم، بل هو الثوب الوحيد الذي حافظ على مكانته وتقديسه عبر العصور المتعاقبة. يُصنع هذا الثوب الفريد في مصنع كسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، بإشراف مباشر من رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

يتكون الثوب من الحرير الطبيعي الخالص، ويُصبغ باللون الأسود، ويُطرّز بآيات قرآنية وتسابيح عظيمة بخيوط من الذهب والفضة، مما يجعله تحفة فنية فريدة لا مثيل لها في تاريخ الأقمشة والنسيج.

*مراسم تبديل الكسوة*

في فجر اليوم الأول من شهر محرم، وفي لحظات يسودها الخشوع والجلال، تبدأ مراسم تبديل الكسوة القديمة بالجديدة، حيث يُشرف فريق مختص من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة على العملية بكل دقة، ويتم رفع الأجزاء الجديدة وتركيبها وتثبيتها في مواقعها، مع المحافظة على أعلى درجات الاحترام لهذا الحدث العظيم. تتم صناعة الكسوة بإتقان فائق على يد نخبة من الفنيين السعوديين المهرة الذين يعتزون بخدمة بيت الله الحرام. ويستغرق العمل عليها عدة أشهر متواصلة.

*رمزية الكسوة*

كسوة الكعبة لا تمثل مجرد قماش فاخر أو عملًا فنيًا بديعًا، بل هي رمز عظيم لعزة الإسلام ووحدة المسلمين، وتجديد للصلة بين العباد وربهم مع كل عام هجري جديد. إنها تعبير حي عن احترام شعائر الله، وتمجيد بيته الحرام، وتأكيد على أن خدمة الحرمين الشريفين شرفٌ تتوارثه الأجيال في المملكة العربية السعودية.

ختاماً،
إن كسوة الكعبة المشرفة تظل شاهدًا سنويًا على مكانة الكعبة في قلوب المسلمين، وعلى عظمة الإسلام وثرائه الروحي والرمزي. فهي الثوب الذي لا يُلبَس إلا مرة واحدة في السنة، ويظل الوحيد على مرّ العصور الذي يُطرّز بالذهب وتُنسج فيه آيات القرآن لتزين أطهر بيت على وجه الأرض. وفي كل عام، ومع تجدد الكسوة، تتجدد مشاعر الإجلال والخشوع، وتنبعث الآمال بعام هجري يحمل الخير واليمن والبركات على الأمة الإسلامية كافة.

كل عام والكعبة مكسوة بهيبة الله، ومكلّلة بدعاء الملايين، تشرق بألقها في قلوب المؤمنين، وتتوشح بثوبها الخالد عبر التاريخ.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر