×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

إجازةٌ بنكهةِ الإنجاز

إجازةٌ بنكهةِ الإنجاز
بقلم / أ. غيداء بادريق 
نحمدُ اللهَ – جلّ في علاه – أن بلغنا الإجازةَ الصيفيةَ ونحن في تمامِ الصحةِ والعافيةِ وراحةِ البال، سائلين المولى – عزّ وجلّ – أن تكونَ أيامُها عامرةً بالخيرِ والنماءِ، لا مَضيعةً للوقت.

فبعد عامٍ دراسيٍّ حافلٍ بالعطاءِ والمثابرةِ، زاخرٍ بالمنجزاتِ والتحدياتِ، يحقُّ لنا أن نقفَ وقفةَ تأمُّلٍ وامتنانٍ، نباركُ فيها لأبنائنا وبناتنا ما حققوه من نجاحٍ، ونُهنّئ أنفسَنا بما بذلناه من جهدٍ وتفانٍ في ميادينِ التربيةِ والتعليم.

إنّ استقبالَ الإجازةِ الصيفية لا يعني الانفلاتَ من الالتزامات، بل هو انتقالٌ إلى مرحلةٍ زمنيةٍ تحملُ في طيّاتها فُرَصًا ثمينةً للتزوُّدِ بالعلم، والتقرُّبِ إلى الله، وتنميةِ الذات. إنها فترةٌ مؤقتة، لكنها – في ميزانِ من يُحسن استغلالَها – قد تعادلُ شهورًا من البناءِ والارتقاء.

قال النبي ﷺ:
«نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحةُ والفراغ».

وهما نعمتانِ اجتمعتا لكثيرٍ منّا في هذه الإجازة، فكان لزامًا علينا أن نستشعرَ المسؤولية، ونحملَ النيّةَ الصادقةَ لاستثمارِ كلِّ لحظةٍ بما يُرضي الله، ويَنفع النفسَ والمجتمع.

فاجعلْ من وقتِك فرصةً… لا فراغًا يسرقُ منك أجملَ الفُرَص، فإنّ كلَّ دقيقةٍ تمضي لا تعود، والإجازةَ أثمنُ من أن تُهدَر بلا هدف.

إنّ التخطيطَ الجيّدَ للإجازةِ الصيفية ليس ترفًا فكريًّا، بل هو ضرورةٌ تربويةٌ وشرعيةٌ في آنٍ واحد؛ فالوقتُ رأسُ مالِ الإنسان، وإذا لم يضبطْه المرءُ بخطةٍ واضحة، ضاع بين الانشغالِ بما لا ينفع، والانغماسِ فيما لا يُثمر.

ابدأ إجازتَك بسؤالٍ:
ماذا أريد أن أكون في نهايتِها؟
هذا السؤالُ البسيط يضعُك أمام خارطةِ طريقٍ واضحةٍ تُعينُك على حُسنِ التصرّف، وتُوجّهُ طاقتك نحوَ ما ينفعُك في دينِك ودنياك.

ويمكن أن يستهلَّ الفردُ تخطيطَه للإجازةِ من خلالِ الخطواتِ الآتية:
1. وضعُ أهدافٍ واضحةٍ قابلةٍ للتحقيق.
2. تخصيصُ أوقاتٍ متوازنةٍ بين الراحةِ، والتعلُّمِ، والتطويرِ الذاتي.
3. تنظيمُ الأنشطةِ الترفيهيةِ بما يُحقّق الفائدةَ والمتعة.
4. تقنينُ استخدامِ الأجهزةِ الذكيةِ وتجنّبُ الإدمانِ عليها.
5. تقويةُ الروابطِ الأسريةِ والاجتماعيةِ عبرَ الزياراتِ والمشاركةِ في المناسباتِ العائلية.
6. إعدادُ قائمةٍ بالرغباتِ والمهاراتِ التي يسعى الفردُ لاكتسابِها خلالَ الإجازة.

كلُّ يومٍ في الإجازةِ فرصةٌ جديدة… فهل ستغتنمُها؟
فمن يسيرُ بخُطى ثابتة، ولو بسيطة، يصلُ في نهايةِ الطريقِ إلى إنجازٍ يستحقُّ الفخر.
فكلُّ يومٍ في الإجازةِ هو بدايةٌ جديدة، يحملُ معه فرصةً مختلفة.

يمكنُ استثمارُ الإجازةِ الصيفيةِ في مجالاتٍ متنوّعةٍ تُلبّي احتياجاتِ الفردِ وتُنمّي أبعادَه المختلفة، ومن أبرزِ هذه المجالات:
• المجالُ العلميُّ والمعرفيّ: عبرَ القراءةِ الهادفة، والانخراطِ في البرامجِ والدوراتِ التعليمية.
• المجالُ البدنيّ: من خلالِ ممارسةِ الرياضةِ بانتظام، لما لها من أثرٍ إيجابيٍّ على الصحةِ والنشاطِ الذهني.
• المجالُ المهاريّ: بتعلُّمِ مهاراتٍ جديدة كالرسمِ، أو التصويرِ، أو الطهيِ، أو البرمجةِ، أو إتقانِ لغةٍ أجنبية.
• المجالُ الروحيّ: بتقويةِ الصلةِ بالله – عزّ وجلّ – بالمحافظةِ على الصلاة، وتلاوةِ القرآن، والإكثارِ من الذكرِ والدعاء.
• المجالُ المجتمعيّ: عبرَ المشاركةِ في الأعمالِ التطوعية، والمبادراتِ الخيرية، وخدمةِ الآخرين.

أثرُ الإجازةِ يبقى طويلًا،
فاختر أهدافَك بعناية، واحرصْ على أن يكونَ لكلِّ يومٍ منها قيمة.
فالإجازةُ التي تُخطَّط لها بعناية، وتُقضى بوعي، تُثمرُ إنجازاتٍ تبقى معك حتى بعد انتهائها.

النيّة… أساسُ العمل
من أعظمِ ما يُورثُ العملَ البركةَ ويمنحُه الأثرَ الحسن، أن يُقترنَ بنيّةٍ صالحةٍ خالصةٍ لله.
فالسفرُ يُصبح عبادةً إذا قُصِد به التفقُّهُ والتفكُّرُ في خلقِ الله، والرياضةُ تُصبح وسيلةً للتقوّي على الطاعات، والتعليمُ يُعدّ من أعظمِ القُرَب إذا كان خالصًا لوجهِ الله.

ما بين الراحةِ والتطوير… طريقُك نحوَ التميّز،
فالإجازةُ النافعةُ ليست التي تُقضى في الخمول، ولا التي تُرهق صاحبَها، بل تلك التي تُوازن بين سكينةِ الجسد، ونموِّ العقل، وصفاءِ القلب.

اكتبْ قصتَك بنجاحاتٍ تستحقُّ أن تُروى،
وكنْ ممن يجعلون من وقتِهم رصيدًا من الخبراتِ، والتجاربِ، والمعرفة.

فليكن شعارُنا: “إجازتي محطّةُ بناء”،
ولنغتنمْها بكلِّ وعي، بما ينفعُ أرواحَنا، ويُثري عقولَنا، ويقرّبُنا من خالقِنا،
لنعودَ بعدها أكثرَ نُضجًا، وأعمقَ تجربةً، وأقربَ إلى ما نرجوه لأنفسِنا من التميّزِ والنجاح.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر