×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حين يسقط النجم.. يجب أن يُرى سقوطه

حين يسقط النجم.. يجب أن يُرى سقوطه
بقلم : حسام الراشدي 
في عالم تتسارع فيه موجات التأثير الإعلامي، ويتحول فيه بعض المشاهير إلى قدوات للشباب والأطفال، يصبح من الضروري إعادة النظر في مفهوم “الخصوصية” عندما يخطئ أحد هؤلاء النجوم ويقع في جرم لا يمس نفسه فقط، بل يمس أمن وسلامة المجتمع ككل.

من هذا المنطلق، يُعد التشهير بالمشاهير عند ارتكابهم مخالفات خطيرة كالاعتداء أو الترويج للمخدرات أو التجاوز الأخلاقي العلني، أمرًا مشروعًا وضروريًا، بل هو نوع من العقوبة التعزيرية التي تحقق الردع العام وتحمي النسيج الاجتماعي من الانهيار القيمي.

المشهور ليس فردًا عاديًا. فحضوره العلني، وجماهيريته، وتأثيره الواسع، يجعلان منه شخصية اعتبارية لها أثر كبير على المجتمع، خاصة النشء. ومن غير المنطقي أن يُعامل من بيده التأثير في عقول الناس، كمن يعيش في الخفاء. فكما جنى النجم من الشهرة أموالًا وحضورًا واحترامًا، عليه أن يتحمّل مسؤولية هذه الشهرة إذا ما أساء استغلالها.

حين يتم ضبط أحد النجوم متلبسًا بمخالفة تهدد أمن الناس، فإن التستر عليه بحجة “الخصوصية” يُعد إخلالًا بمبدأ العدالة. فالتشهير هنا ليس تشفيًا، ولا استعراضًا، بل رسالة صريحة للمجتمع: أن لا أحد فوق النظام، وأن الشهرة لا تحمي من العقوبة.

هذا النوع من العقوبات التعزيرية له أثر نفسي وتربوي كبير، سواء على المخالف نفسه، أو على غيره ممن قد تسوّل لهم أنفسهم اتباع ذات السلوك. فمن شاهد العقوبة، ارتدع. ومن علم أن القدوة قد سقطت، أعاد النظر فيمن يتّبع.

من المؤسف أن كثيرًا من الأبناء اليوم، يتخذون من بعض النجوم قدوة في كل شيء، دون تمحيص أو توجيه. وحين يقع هذا النجم في خطأ كبير ويتم التغطية عليه أو تبريره، يُخدع الأبناء وتترسخ في أذهانهم فكرة أن الخطأ أمر عادي، طالما أن فلان “الشهير” فعله.

لذلك، فإن التشهير في هذه الحالة هو حماية غير مباشرة للأبناء من الوقوع في فخ التقليد الأعمى، وتنبيهٌ صريح للأسر بأن الشهرة لا تعني الصلاح، وأن لا بديل عن الرقابة الأسرية والوعي المجتمعي.

التشهير المنضبط، المؤدب، القائم على الوقائع دون تعدٍّ على الأعراض، هو سلاح فعّال في مواجهة الانفلات الأخلاقي والانحراف المجتمعي عندما يكون بطله شخصية مؤثرة. فالمجتمع بحاجة للقدوات الصالحة، لا النجوم المتجاوزة. والتشهير هنا ليس إسقاطًا، بل تقويم. وليس تشهيرًا لأجل التشهير، بل تعزير من أجل الإصلاح.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر