×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

ثقافة الاعتذار في المجتمع… قوة لا ضعف

ثقافة الاعتذار في المجتمع… قوة لا ضعف
بقلم : غدير المطيري 
الاعتذار ليس ضعفًا، بل هو سلوك راقٍ يدل على نضج الإنسان، ووعيه بالمسؤولية، واحترامه للآخر. ومع ذلك، لا تزال ثقافة الاعتذار في مجتمعاتنا العربية - وفي بعض جوانب المجتمع السعودي - تواجه شيئًا من التردد، وكأنها تمسّ الكبرياء أو تُنتقص من الهيبة.

كثيرون يجدون صعوبة في قول كلمة “آسف”، رغم إدراكهم للخطأ. يتجاوزون المواقف بصمت، أو يبررونها، أو حتى يلقون اللوم على الآخر، بدلاً من تحمّل تبعات تصرّف خاطئ. وهذا السلوك لا ينم عن قوة، بل عن ضعف في الوعي الاجتماعي والعاطفي.

الاعتذار الحقيقي لا يقتصر على الكلمات، بل هو موقف وتصحيح لمسار. أن تعتذر يعني أنك تُدرك أثر أفعالك، وتحترم مشاعر من حولك، وتملك الشجاعة الكافية لمواجهة الذات أولًا. وفي المجتمعات التي تترسّخ فيها هذه الثقافة، نجد علاقات أكثر تماسكًا، ومجالًا أوسع للتسامح والنمو.

للأسف، لا تُعلَّم ثقافة الاعتذار كثيرًا في مراحل التربية المبكرة. نعلّم الأطفال ألا يخطئوا، لكننا لا نُعلّمهم كيف يتعاملون مع الخطأ. نُحرجهم أمام الآخرين حين يخطئون، لكننا لا نُظهر لهم كيف يُصلحون الأمر بكلمة صادقة وتصرّف محترم.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى أنسنة العلاقات، وإعادة بناء الجسور التي تهدمها المكابرة. أن نُدرّب أبناءنا على الاعتذار، وأن نكون قدوة في ذلك، هو أساس لبناء جيل يُقدّر القيم الحقيقية، ويعرف أن التواضع لا يقلل من المكانة، بل يرفعها.

أكتب هذا المقال وأنا أسترجع مواقف بسيطة في حياتي، كان يمكن أن تُحل بكلمة واحدة: “أعتذر”. تأخرنا أحيانًا في قولها، أو لم نقلها أبدًا، لكننا تعلمنا كم تختصر المسافات، وتخفف الألم، وتفتح أبواب التفاهم من جديد.

فلنُحيِ في مجتمعنا ثقافة الاعتذار، لا ككلمات تُقال، بل كمسؤولية تُمارس، وخلق يُغني عن كثير من القطيعة وسوء الفهم والخصومات التي لا داعي لها .
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر