×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

بين القيل والقال.. يسقط وجه الحقيقة

بين القيل والقال.. يسقط وجه الحقيقة
بقلم : عامر آل عامر نائب رئيس مجلس إدارة صحيفة الحقيقة الإلكترونية 
في زمنٍ تكاثرت فيه الألسنة وقلّت فيه الأمانة، لم تعد الكلمات تُقال لتُفهم، بل لتُحمل وتُحرّف، وتُستثمر في صناعة ظلال الشك والريبة.
كثيرة هي الأرواح التي لم تُطعَن بسكين، بل بكلمة نُقلت في غير موضعها، وقيلت في غير وقتها، وفسّرت على هوى ناقلها.

ذاك الذي ينقل لك ما قيل، لا يفعل ذلك حبًا فيك، بل شغفًا بالحضور في منتصف الحدث، ولو كان ذلك على حساب علاقتك بمن تحب.
إنه رسول مزيف، لا يحمل في جعبته سوى فتات من حديث ناقص، يضعه أمامك كأنما يهبك الحقيقة، والحقيقة أبعد ما تكون عن لسانه.

والمؤلم أكثر، أن كثيرًا ممن يُنقل إليهم، لا يسألون: لماذا قيل هذا؟ ولا: ما السياق؟ بل يجعلون من أنفسهم قضاة على نوايا لم تُسمع كاملة، وضحايا لم تُمنح فرصة الدفاع عن صدقها.

الحكمة البالغة: من نقل إليك، سينقل عنك.

فلا تفتح له صدرك، ولا تمنحه أسرارك، ولا تجامله على حساب من غاب.
فالساذج وحده من يظن أن حامل الكلام له، لا يحمله عنه في غيابه.

في زمنٍ يعلو فيه الصخب وتُستهلك فيه الثقة سريعًا، يصبح الصمت فنًا، والكتمان شجاعة.
فليست البطولة في أن تقول كل ما تعرف، بل أن تحفظ ما يستحق أن يُصان.
احذر أن تكون مادة لأحاديث المجالس، ولا تجعل روحك سلعة يتداولها من لا يعرفون للوفاء وزنًا، ولا للأمانة عهدًا.
فالأرواح لا تُصان بالكلام الكثير، بل تُصان بالصمت الذي يعرف متى يحمي، ومتى يُفلت.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر