×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

العلاقات الباردة.. دفءٌ مفقود في زمن مزدحم

العلاقات الباردة.. دفءٌ مفقود في زمن مزدحم
بقلم : ✍️ عامر آل عامر 

في زحام الحياة، حيث تتساقط الأيام كأوراق الخريف على رصيفٍ لا يتذكّر المارّين، نكتشف فجأة أن الأرواح التي كنا نظنها قريبة، لم تعد سوى أطيافٍ تُحيط بنا بلا صوت، بلا دفء، بلا انتماء.
إنه الفتور.. ذاك الصدأ الذي يزحف بصمتٍ على مفاصل العلاقات، حتى تتآكل تحت وطأة الروتين، والإهمال، والمجاملات الفارغة.

الرابط المقطوع بصمت

لم تعد القلوب تطرق الأبواب كما كانت.
لم نعد نسأل: "كيف حالك؟" إلا لنؤدي واجبًا لغويًا، بلا نيةٍ للسماع، ولا استعدادٍ للغوص في وجع الآخر.
صارت الحوارات أقرب إلى بثٍ بلا مستقبل، تخرج الكلمات منا، ولا تصل إلى أحد.
نعيش في زمنٍ نُجيد فيه قول "أنا مشغول"، أكثر مما نُجيد قول "أنا أفتقدك".

حين تختنق الروح بالعُزلة المحشوة بالناس

الفتور لا يأتي فجأة.
هو قطرة تتلوها قطرة، حتى تمتلئ الكأس بانعدام الإحساس.
هو رسالة لم تُردّ، لقاء تأجل، اهتمام تآكل، حتى يصبح الحب عادة، والصداقة ذكرى، والقرابة واجبًا.
نصير ضيوفًا في حياة من كنا وطنًا لهم، وغرباء عن أرواحٍ كانت تؤوي قلقنا وتربّت على وجعنا.

المرآة التي لا نحب أن نحدق فيها

كل فتورٍ في الخارج هو انعكاس لفتورٍ في الداخل.
ربما تعبنا من أنفسنا، من تصالحنا مع التبلّد، من إعطاء من لا يُقدّر، والانتظار ممن لا يعود.
ربما خذلتنا طيبتنا، فبنينا حول قلوبنا جدرانًا، واعتدنا البُعد كأنّه راحة، لا وجع.

وماذا بعد؟

ألسنا بحاجةٍ لأن نُعيد ترتيب شكل الحياة؟
أن نعود لمصافحة الأرواح لا الأيدي؟
أن نستيقظ يومًا ونقول: "سأُحيي ما فتر.. سأكسر هذا البرود العاطفي ولو بكلمة صادقة".
الحب، الصداقة، القرب.. لا تموت، لكنها تجفّ حين لا تُسقى.

ختامًا..

نحن لا نعيش لننجز فقط.
نحن نعيش لنُحِب، لنتبادل النبض، لنبني جسورًا بين أرواحنا، لا أن نسير على خرائط العلاقات الباهتة.
فليكن فينا شجاعة الترميم، لا نبلُد الانسحاب.
فالعلاقات الفاترة ليست موتًا مفاجئًا.. بل انتحارٌ صامت لدفء الإنسان فينا.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر