×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

اللقاح الخارق: بريطانيا تُطلق أولى مراحل التحول الجذري في الحرب على السرطان بعقار “نيفولوماب”

اللقاح الخارق: بريطانيا تُطلق أولى مراحل التحول الجذري في الحرب على السرطان بعقار “نيفولوماب”
إعداد - سهام ورقنجي 
في خطوة وصفت بأنها نقطة تحول مفصلية في تاريخ الطب الحديث، وافقت هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) على استخدام عقار “نيفولوماب” (Nivolumab)، الذي بات يُعرف إعلامياً بـ”اللقاح الخارق”، لعلاج 15 نوعاً من السرطان، تشمل سرطانات قاتلة ومقاومة للعلاج مثل سرطان الرئة والبروستاتا والقولون والمريء والمثانة والجلد.

ما هو نيفولوماب؟

نيفولوماب هو علاج مناعي متطور من فئة الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (Monoclonal Antibody)، ويعمل عن طريق استهداف بروتين يُعرف بـ PD-1، والذي تستخدمه الخلايا السرطانية كـ”غطاء تمويهي” لتفادي اكتشاف الجهاز المناعي. عند تعطيل هذا البروتين، يتمكن الجهاز المناعي من التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها كما يفعل مع الفيروسات والبكتيريا.

ثورة في الاستراتيجية الطبية: من القتال إلى التفعيل

بعكس العلاجات التقليدية مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، والتي تُهاجم الورم مباشرةً ولكنها تُلحق أضراراً جسيمة بالأنسجة السليمة، فإن نيفولوماب يُفعّل “الجيش الداخلي” في الجسم – أي الخلايا المناعية – ويحوّلها إلى وحدات خاصة مبرمجة للقضاء على السرطان بدقة.
المفارقة أن نيفولوماب ليس “لقاحاً” بالمعنى التقليدي، بل هو علاج موجه يُحقن في الجسم لتحفيز الاستجابة المناعية الذاتية – مما يجعل مصطلح “اللقاح الخارق” توصيفاً إعلامياً لما يصفه الأطباء بأنه “مفتاح فتح بوابة جديدة في علم الأورام”.

ما الذي يجعل هذا القرار غير مسبوق؟
• التوسعة العلاجية الأكبر في تاريخ المملكة المتحدة: 15 نوعاً من السرطان تشمل مراحل مختلفة، بدءاً من المتقدم وحتى الانتكاسي.
• فعالية طويلة المدى: أظهرت الدراسات أن بعض المرضى الذين تلقوا نيفولوماب عاشوا أكثر من 5 سنوات بعد التشخيص، وهي فترة كانت حتى وقت قريب نادرة في سرطانات مثل الرئة أو الكلى.
• تقليل الأعراض الجانبية: العلاج المناعي يتفادى السمية العالية للعلاج الكيميائي، ما يمنح المرضى جودة حياة أفضل خلال فترة العلاج.

شهادات من الواقع: “كنت أعدّ الأيام.. واليوم أعدّ السنوات”

يقول أليكس بيترسون (56 عاماً)، أحد مرضى سرطان الرئة الذين خضعوا لتجربة سريرية للعقار:
“قبل نيفولوماب، أخبروني أن أمامي أقل من عام. بعد ثلاث سنوات من العلاج، عدت للعمل واحتفلت بزفاف ابنتي. إنه ليس علاجاً فقط، إنه استرداد لحياتي.”

التحدي المقبل: التعميم والتكلفة

رغم الموافقة التاريخية، فإن تكلفة نيفولوماب لا تزال باهظة، إذ تصل الجرعة الواحدة إلى آلاف الجنيهات، وهو ما يُثير تساؤلات حول استدامة تعميم العلاج في الدول النامية. لكن هيئة الصحة البريطانية نجحت بالتفاوض على أسعار خاصة مع الشركة المصنعة “Bristol Myers Squibb”، ما يفتح الباب أمام نموذج عالمي للنفاذ العادل إلى الابتكار الطبي.

خلاصة: هل نحن أمام بداية النهاية للسرطان؟

الخبراء يُحذرون من المبالغة، لكنهم في الوقت ذاته لا يُخفون تفاؤلهم. الدكتورة ليزا ميريديث، أخصائية المناعة في جامعة أكسفورد، تقول:
“نيفولوماب ليس نهاية المعركة، لكنه أول سلاح ذكي حقيقي نملكه – سلاح يُقاتل من داخل الجسم وبأوامر مناعية بحتة. نحن لا نعالج الورم فقط، بل نُعيد برمجة المناعة لفهم العدو ورفضه.”

ربما لم يُكتَب الفصل الأخير من معركة البشرية ضد السرطان، لكن مع نيفولوماب، يبدو أن الصفحة التالية ستُكتب بلغة جديدة، عنوانها: “الذكاء المناعي”
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر