×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

في حضرة الجهلاء ... يصمت العاقل كي لا يضيع

في حضرة الجهلاء ... يصمت العاقل كي لا يضيع
بقلم : ✍️ عامر آل عامر 
في زحام العقول المزدحمة بذاتها، حيث لا أحد يصغي، ولا أحد ينتظر أن يُفهم، يلوّح البعض براية الحوار، بينما هم في الحقيقة لا يبحثون إلا عن انتصارٍ هشّ، يتكئون عليه كعكازٍ لغرورهم المرهق.

تظن أنك تدخل في نقاش لتضيء زاوية مظلمة... ثم تكتشف أنك فقط تحاول إقناع من قرر أن لا يرى، ولا يسمع، ولا يزحزح نفسه من مكانه ولو خطوة.
الجاهل لا يعترف بجهله، لأنه يراه علمًا.
والعنيد لا يقبل أن يخطئ، لأن الاعتراف في قاموسه انكسار.
والانتهازي لا يحاور، بل ينقّب في كلماتك عن ثغرة يستخدمها خنجرًا في ظهرك.

في هذه المعركة التي تبدو كلامية، لكنّها في الحقيقة نفسية…
في هذا الحيز الذي يخلو من النية الطيبة، لا معنى للكلام، ولا طعم للحقيقة.

هنا، الصمت لا يكون استسلامًا، بل قفزًا فوق الطين.
الصمت قرار خفيّ يصدر عن عقلٍ اكتفى، وعن روحٍ لم تعد تقاتل لتثبت شيئًا، بل لتنجو من كل شيء.

أنا لا أصمت لأنني لا أملك ما أقول، بل لأن ما أملكه أثمن من أن يُلقى في دروبٍ لا تُنبت فهمًا.
أصمت لأن السلام النفسي عندي ليس هدوءًا، بل انتصارًا خفيًا لا يصفّق له أحد، لكنه يُنقذني من احتراق.

الصمت، يا صاحبي، ليس ضعفًا…
إنه لغة من لا يرغب في الصراخ داخل بئرٍ لا قاع له.
لغة من عرف أن بعض المعارك لا تُخاض، لأن الربح فيها خسارة من نوعٍ آخر.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر