حنينٌ بأجنحة من دخان

بقلم : ✍️ عامر آل عامر
في زاويةٍ ما من هذا الاتساع الغامض الذي نسمّيه "الوعي"، يفرش الوهم سجّاده الفارغ، كأنه يستعد لصلاةٍ لا يؤمّها إلا العابرون على جمر الذاكرة.
هناك، حيث لا ظلّ لشيء سوى أطياف من كانوا، وأصوات من تمنّيناهم، يُقيم الوهم مملكته المتاهية، ويمنح الزائرين جناحين من صمتٍ هشّ، لا يطيران، بل يتهاويان ببطء فوق خرائب الحنين.
نُقنع أنفسنا أن تلك الصورة التي تسكن ألبوم القلب قد حدثت فعلًا، أن اللقاء الذي نتذكّره كان يومًا من لحم الزمن ودمه، لا من دخان التوق.
نُسلّم للأمل المفترض أن ذاكرة القلب لا تكذب، وأن كل ارتعاشة شعور، كانت ذات يوم، ملامسةً للواقع.
لكن الحقيقة؟ إنها أقل شاعريةً مما نتخيّل. الحقيقة لا تُحلق، لا ترتدي الموسيقى، ولا تفهم لغة البكاء الصامت.
إنها تمشي بثقلٍ، ولا تُجيد احتواء الأرواح المتعبة.
حين نتوه، لا نعود نبحث عن الحقيقة… بل نبحث عن ما يُشبهها بما يكفي كي لا ننهار.
نبحث عن ظلّ دفء، عن طرف خيط، حتى وإن كان من حرير الوهم.
فالوهم، رغم قسوته، أكثر حنانًا من الواقع حين يُشيح بوجهه.
وأكثر صدقًا من ذاكرة اخترنا أن نُجمّلها كي لا نموت كلما تذكّرنا.
إننا لا نهرب من الحقيقة… نحن فقط نبحث عن نسخة منها أكثر احتمالًا. نُقايض الوعي براحة مؤقتة، ونُقيم في سرابٍ نعلم تمامًا أنه سراب، لكننا نُحبه لأنه يشبه البيت الذي غادرناه، والأحضان التي لم نجدها، والأمان الذي لم نعرفه.
ليس الوهم كذبة.
إنه ردّ فعل. إنه مأوى لمن أنهكهم الواقع بسقفه المنخفض وجدرانه الباردة.
الوهم هو تلك الغرفة المفتوحة في آخر الذاكرة، التي نُغلق فيها النوافذ على ضجيج العالم، ونرسم على جدرانها أسماء من أحببناهم، حتى وإن لم يعرفوا يومًا أننا مررنا.
في النهاية، لسنا ضحايا أوهامنا.
نحن فقط شهود على خيباتٍ لم نجد لها عزاءً سوى أن نُؤمن بأنها كانت أجمل مما حدث.
وأننا كنّا، ولو للحظة، نحلق فوق كل شيء، ولو بأجنحةٍ من دخان.
هناك، حيث لا ظلّ لشيء سوى أطياف من كانوا، وأصوات من تمنّيناهم، يُقيم الوهم مملكته المتاهية، ويمنح الزائرين جناحين من صمتٍ هشّ، لا يطيران، بل يتهاويان ببطء فوق خرائب الحنين.
نُقنع أنفسنا أن تلك الصورة التي تسكن ألبوم القلب قد حدثت فعلًا، أن اللقاء الذي نتذكّره كان يومًا من لحم الزمن ودمه، لا من دخان التوق.
نُسلّم للأمل المفترض أن ذاكرة القلب لا تكذب، وأن كل ارتعاشة شعور، كانت ذات يوم، ملامسةً للواقع.
لكن الحقيقة؟ إنها أقل شاعريةً مما نتخيّل. الحقيقة لا تُحلق، لا ترتدي الموسيقى، ولا تفهم لغة البكاء الصامت.
إنها تمشي بثقلٍ، ولا تُجيد احتواء الأرواح المتعبة.
حين نتوه، لا نعود نبحث عن الحقيقة… بل نبحث عن ما يُشبهها بما يكفي كي لا ننهار.
نبحث عن ظلّ دفء، عن طرف خيط، حتى وإن كان من حرير الوهم.
فالوهم، رغم قسوته، أكثر حنانًا من الواقع حين يُشيح بوجهه.
وأكثر صدقًا من ذاكرة اخترنا أن نُجمّلها كي لا نموت كلما تذكّرنا.
إننا لا نهرب من الحقيقة… نحن فقط نبحث عن نسخة منها أكثر احتمالًا. نُقايض الوعي براحة مؤقتة، ونُقيم في سرابٍ نعلم تمامًا أنه سراب، لكننا نُحبه لأنه يشبه البيت الذي غادرناه، والأحضان التي لم نجدها، والأمان الذي لم نعرفه.
ليس الوهم كذبة.
إنه ردّ فعل. إنه مأوى لمن أنهكهم الواقع بسقفه المنخفض وجدرانه الباردة.
الوهم هو تلك الغرفة المفتوحة في آخر الذاكرة، التي نُغلق فيها النوافذ على ضجيج العالم، ونرسم على جدرانها أسماء من أحببناهم، حتى وإن لم يعرفوا يومًا أننا مررنا.
في النهاية، لسنا ضحايا أوهامنا.
نحن فقط شهود على خيباتٍ لم نجد لها عزاءً سوى أن نُؤمن بأنها كانت أجمل مما حدث.
وأننا كنّا، ولو للحظة، نحلق فوق كل شيء، ولو بأجنحةٍ من دخان.