×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حين يبكي القلب على أطلال الذكرى

حين يبكي القلب على أطلال الذكرى
بقلم : عامر آل عامر 
ليس البكاء على الأطلال مجرّد دمعةٍ تتهاوى على تراب الأمس، بل هو انكسار روحٍ لم تُشفَ من الحنين، واعترافٌ صامت بأن بعض اللحظات كانت أوسع من الزمان، وأصدق من أن تُنسى.

كلما وقفت على ركام الذكرى، شعرت أن المكان لم يتغير بقدر ما تغيرتُ أنا.
الجدران ذاتها، والزوايا كما هي، لكن الدفء الذي كان يُنعش القلب غاب، والضحكات التي كانت تملأ الأرجاء، رحلت مع أصحابها، وخلّفت في القلب صدى لا ينقطع.

نقف على الأطلال لا لنسترجع، بل لنُسلِّم.
نُسلّم بأن الزمن مضى، وأن الأحبة الذين مرّوا ذات حنين، لم يعودوا. نُسلّم أن البيوت التي كانت تسكننا قبل أن نسكنها، أصبحت خالية إلا من الغبار، والذكريات، وصوت خافت يهمس: هنا كنتم، وهنا كنّا.

البكاء على الأطلال ليس ضعفًا، بل هو أرقى أشكال الوفاء.
هو لغة الوجدان حين تعجز الكلمات.
هو حوارٌ بين قلبٍ مكسور، وأماكن لا تزال تنبض بالأثر، تحتفظ بالملامح، وتحفظ العهد.

ما أقسى أن تشتاق لما لا يُعاد، أن تلوّح بيدك لظلّ لم يعد يراك، أن تتمنى لو أن الزمان يلتفت، ولو مرة، ليلمّ شتاتك كما كان يفعل حين كانوا بجوارك.

لكن حتى في هذا الحنين المُوجِع، جمالٌ لا يُنكر.
لأن البكاء على الأطلال يذكّرنا أننا عشْنا، وأحببنا، وخضنا تجارب خلدها القلب، ولو لم تعد موجودة على الأرض، فإنها ستبقى عامرةً في دواخلنا.

فإلى تلك الأطلال التي لا تزال شامخة رغم الغياب.. لكِ السلام، ولكِ العذر، ولكِ الشكر على كل لحظة جعلتِ فيها الحياة تستحق أن تُبكى من بعدها.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر