×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

قطار العمر .. رحيل بلا عودة وفرص لا تتكرر

قطار العمر .. رحيل بلا عودة وفرص لا تتكرر
بقلم / عامر آل عامر 
يمرّ العمر بنا كقطار سريع لا ينتظر أحدًا، ينطلق منذ لحظة الميلاد ويواصل مسيره بلا هوادة حتى المحطة الأخيرة.
في كل مرحلة، نتوقف عند محطات مختلفة، منها ما نعيشه بوعي وامتنان، ومنها ما نتركه يمرّ دون إدراكٍ لقيمته.
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل نحسن استثمار محطات حياتنا قبل أن يغادرنا القطار إلى الأبد؟

الوقت هو أغلى ما نملك، فهو المورد الوحيد الذي لا يمكن استعادته أو تعويضه.
وكما قال الإمام علي بن أبي طالب: "الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك".
فاللحظة التي تمرّ الآن لن تعود، واليوم الذي نعيشه سينضمّ غدًا إلى صفحات الماضي. إدراك هذه الحقيقة يجعلنا نُعيد النظر في كيفية تعاملنا مع الوقت وندرك أن كل محطة من محطات العمر هي فرصة لن تتكرر.

إن حياتنا سلسلة من المحطات: الطفولة، الشباب، النضج، والشيخوخة.
وفي كل محطة، هناك فرص ودروس تنتظر من يقتنصها.
فالطفولة هي مرحلة البراءة والاكتشاف، حيث تُزرع القيم والمبادئ التي سترافق الإنسان طوال حياته.
أما الشباب، فهو محطة الانطلاق والطموح، حيث تتبلور الأحلام وتتطلب العمل الجاد والتخطيط الواعي.
ثم تأتي محطة النضج، وهي مرحلة الحصاد والتأمل في ما زرعناه من جهود، وفيها يدرك الإنسان قيمة الوقت والفرص التي استغلها أو أهملها.
وأخيرًا محطة الشيخوخة، وهي محطة الحكمة والنضج الكامل، حين يدرك الإنسان أن كل لحظة عابرة كانت كنزًا، ويقدّم عصارة تجاربه للأجيال القادمة.

استثمار الوقت لا يعني فقط السعي وراء النجاح المهني أو المالي، بل هو أعمق من ذلك.
فهو يشمل بناء علاقات إنسانية قوية، وقضاء وقتٍ مع العائلة والأحبة، والعمل على تطوير الذات، والأهم من ذلك، السعي لتحقيق رضا الله بأعمال الخير التي تبقى بصمةً خالدة بعد رحيلنا.
ولتحقيق ذلك، يجب تحديد الأهداف بوضوح، فالحياة بلا أهداف كقطار يسير بلا وجهة.
كما يجب إدارة الوقت بذكاء، عبر تحديد الأولويات وتجنّب إضاعة الوقت في ما لا ينفع.
علينا أيضًا الاستفادة من الدروس، فكل محطة تحمل خبراتٍ ثمينة، وعلينا التعلم منها بدل تكرار الأخطاء.
كما ينبغي تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، فلا جدوى من النجاح المهني على حساب الأسرة أو الصحة.

قطار العمر لا يتوقف، ولا يمنحنا فرصة العودة إلى الوراء.
ولذا، علينا أن نكون حاضرين بوعي في كل لحظة، ونتذكر أن الحياة ليست بعدد الأيام، بل بما نصنعه فيها.
فهل نحن مستعدون لاستثمار محطات حياتنا قبل أن تصل صافرة القطار إلى المحطة الأخيرة؟
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر