×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

أُمة "اقرأ" لا تقرأ

أُمة "اقرأ" لا تقرأ
بقلم / حسام الراشدي 
لقد كان أول ما نزل من الوحي على النبي محمد ﷺ أمرًا صريحًا بالقراءة: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق: 1). هذا الأمر الإلهي لم يكن مجرد دعوة إلى القراءة كفعل، بل كان تأسيسًا لحضارة كاملة تقوم على المعرفة، وتقديس العلم، والسعي إلى الفهم والتدبر. ومع ذلك، فإن الواقع المؤلم يشير إلى أن أمة "اقرأ" قد تراجعت في ميدان القراءة والعلم، وأصبحت في ذيل الأمم من حيث الإنتاج المعرفي والبحث العلمي.

تشير الدراسات والإحصائيات إلى أن معدلات القراءة في العالم العربي متدنية مقارنة بدول العالم المتقدم. فبينما يقرأ المواطن في بعض الدول المتقدمة عشرات الكتب سنويًا، نجد أن متوسط القراءة لدى المواطن العربي لا يتعدى بضع صفحات سنويًا. كما أن نسبة الإنتاج العلمي والبحثي في الدول العربية متواضعة جدًا مقارنة بغيرها، مما يعكس أزمة حقيقية في العلاقة بين الأمة والمعرفة.

هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التراجع، منها:

1 "قصور المناهج التعليمية في تنمية الفهم العميق والمهارات التحليلية، بسبب ارتكازها على التلقين والاستظهار بدلاً من تحفيز التفكير النقدي والإبداعي."

2غياب ثقافة القراءة في المجتمع: فوسائل الإعلام والترفيه أصبحت تركز على المحتوى السريع والمختصر، مما أثر على عادة القراءة العميقة.

3.الوضع الاقتصادي والمعيشي: حيث ينشغل كثير من الأفراد بتأمين احتياجاتهم الأساسية، مما يحد من قدرتهم على التفرغ للقراءة.
4ضعف دور المؤسسات الثقافية: مثل المكتبات العامة ودور النشر، التي لا تحظى بالدعم الكافي لتعزيز ثقافة القراءة.

كيف نعود أمة "اقرأ" إلى القراءة؟

1 إعادة هيكلة المنظومة التعليمية لترتكز على منهجية البحث والاستقصاء، وتعزيز مهارات التفكير النقدي، بدلاً من الاعتماد على أساليب التلقين والاستظهار."1

2تشجيع القراءة منذ الصغر: من خلال المناهج المدرسية والأنشطة الثقافية، وجعل القراءة عادة يومية للأطفال.

3تعزيز دور المكتبات والمراكز الثقافية: وجعلها أماكن جاذبة للناس بمختلف اهتماماتهم.

4استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي عبر نشر الكتب الإلكترونية والمحتوى الثقافي على الإنترنت بأساليب حديثة وجذابة.

5تقديم حوافز للقراءة :مثل الجوائز والمسابقات التي تشجع الأفراد على قراءة الكتب ومناقشتها.

إن العودة إلى القراءة ليست ترفًا، بل ضرورة حضارية لبناء أمة قوية قادرة على مواجهة التحديات. فأمة "اقرأ" لا يمكن أن تنهض إلا إذا عادت إلى القراءة، وأعادت إحياء ثقافة العلم والمعرفة. وكما قال المتنبي:

"وخير جليس في الزمان كتابُ"

فهل نعود إلى الكتاب، ونستحق أن نكون حقًا أمة "اقرأ"؟
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر