×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

كبرنا.. ولكن هل كبر الحلم أم تلاشى؟

كبرنا.. ولكن هل كبر الحلم أم تلاشى؟
بقلم / عامر آل عامر 
كبرنا، ولم يكن العمر مجرد أرقام تتراكم في تقاويم الأيام، بل كان حقائب مثقلة بالتجارب، وخطوطًا ترتسم على وجوهنا كحكايات لا تُروى إلا لمن يقرأ بعيون القلب. ظننا ونحن صغار أن الكِبر يعني الحرية، أن نكبر لنلامس السماء، لنركض نحو الأحلام دون قيود، لكننا لم نكن نعلم أن كل عام يضاف إلى أعمارنا يحمل معه عبئًا جديدًا، ويأخذ منا شيئًا دون أن نشعر.

كبرنا ولم يكبر الحظ معنا
كبرنا.. ولم نجد في جيوب الحياة ذلك الحظ الذي وعدتنا به الأساطير، لم نجد تلك الطرق المفروشة بالورود، بل اكتشفنا أن السير في دروب العمر يحتاج إلى الكثير من الصبر والكثير من التخلي، أن الأحلام لا تكبر معنا كما كنا نعتقد، بل تتقلص، تنكمش، حتى تصبح ذكرى معلقة على جدار الماضي.

حينما تنطفئ نجوم الحلم
كبرنا.. حتى خفت بريق النجوم في أعيننا، فلم تعد السماء بذات الاتساع الذي كنا نراه، ولم تعد الأحلام بذات البهاء، كأن الحياة تعلّمنا درسها القاسي: أن لا شيء يبقى كما هو، وأن الأمل قد يصبح عبئًا إن لم يُرافقه فعلٌ يجعله حقيقيًا.

سباق مع الزمن
كبرنا.. حتى سبقتنا تواريخ ميلادنا، حتى وجدنا أنفسنا في سباق مع الزمن، لا نركض خلف الأحلام كما كنا، بل نركض لنهرب من خيباتها. لم نعد نحلم بذات الجرأة، لم نعد نؤمن أن كل شيء ممكن، صرنا أكثر واقعية، وربما أكثر انكسارًا.

عالم يقدس التصنع
كبرنا.. حتى صار النور في أعيننا أكثر خفوتًا، حتى باتت ضحكاتنا مدروسة، وكلماتنا محسوبة، حتى أصبحت العفوية ترفًا لا يليق بعالم يقدس التصنع ويُكافئ النفاق. كبرنا حتى تعلمنا كيف نخفي وجعنا بابتسامة، وكيف ندفن أحلامنا في زوايا الذاكرة، ونتظاهر بأن كل شيء على ما يرام.

خاتمة: هل مات الحلم؟
لكن رغم كل هذا.. هل مات الحلم حقًا؟ أم أنه فقط يتخذ شكلًا آخر؟ ربما لم يعد حلمًا جامحًا كما كان في صبانا، لكنه في مكان ما داخلنا، لا يزال يتنفس، لا يزال يقاوم، لا يزال يبحث عن لحظة مناسبة ليعود، ولو على استحياء، ليخبرنا أن الزمن وإن أخذ منا الكثير، فإنه لم يأخذ كل شيء.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر