#عــــــاجل الحقيقة

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الدياثة: حولت غرف النوم إلى مسرح للجمهور

الدياثة: حولت غرف النوم إلى مسرح للجمهور
 
غرف النوم، تلك الحصون التي كانت يومًا ما رموزًا للسكينة والخصوصية، باتت تتحول في هذا الزمن إلى مسارح مستباحة، تُعرَض فيها أسرار القلوب وملامح الجسد.

إننا نعيش في زمن جديد، زمن الدياثة الذي تتآكل فيه الغيرة، حيث يقف الزوج بلا مبالاة، مُحِلاً لزوجته أن تكون بطلة المسرح أمام أعين الغرباء، تُعرض وتُقيم، في مشاهد تُمزق حجاب الحياء وتقتل رُوح الخصوصية.

في عصر الشاشات، لم تعد غرف النوم مجرد جدران تأوي التعب والمشاعر الصامتة، بل أصبحت منصات عرض تُزين بالأضواء والإعدادات، وتُقدم فيها زوجات في غاية الانحطاط الاخلاقي، أمام الجمهور، ليس فقط كأفراد، بل كرموز تتماهى بين الواقعي والافتراضي.

كيف تحول هذا الملاذ الحميمي، المخصص للراحة والسكون، إلى مساحة مفتوحة تعبّر عن الانكشاف والتلاشي في حمى الشهرة والقبول الاجتماعي؟

في زمن المال مقابل الشرف، لم تعد الغيرة حارسًا للخصوصية ولا رمزًا للحماية، بل أصبحت كلمة بائدة في قاموس القيم.

إن التحولات الثقافية والاجتماعية التي شهدناها تُمكِّن من التساؤل: أين ذهبت تلك النيران التي كانت تشتعل في النفوس لتدافع عن حرمة البيوت وسترها؟ ومتى أصبحنا نقايض الغيرة بالترند، والشرف بالمتابعين والإعجابات؟

الدياثة في هذا العصر ليست مجرد صفة فردية؛ بل هي انعكاس لتحولات ثقافية عميقة تُجسد تراجع القيم التقليدية وتلاشي الحدود بين الخصوصية والانكشاف.

نرى هذا واضحًا في سلوك بعض من يلقبون بالمشاهير، الذين حولوا حياتهم الشخصية وحياة من حولهم إلى مشاهد علنية تُعرض على الملأ دون اعتبار للحياء أو الغيرة.

لقد أصبح الظهور في مركز الضوء والمحتوى المثير للجدل وسيلة لتحقيق الشهرة وجني الأرباح، حتى وإن كان الثمن هو المساس بالقيم الأسرية وحرمة العلاقات.

إن هذه الظاهرة تعبر عن تغيير مفهوم الغيرة والاحتشام، حيث تحولت المشاهد التي كانت تعتبر محرجة أو غير مقبولة إلى لحظات تُسوق وتُستهلك ضمن سباق المحتوى الرقمي.

في عصر يبحث فيه الجميع عن المكانة والتفاعل، أصبحت المعايير تتلاشى، واختلطت الرغبة في التميز مع التفريط بما كان يُعتبر قدسيًا وغير قابل للمساومة.

هذا الانقلاب في المفاهيم يعيد تعريف العلاقة بين الرجل والمرأة، ويضعنا أمام مشهد تتقاطع فيه الرغبة في الشهرة مع انعدام الغيرة، وتختفي فيه الحدود بين ما هو خاص وما هو عام.

ومع ذلك، في خلفية هذا المسرح المضيء، تبقى الأرواح تئن وتصرخ في صمت، باحثة عن زاوية مظلمة بعيدًا عن الأضواء، حيث يمكن للقلوب أن تتوارى وتحيا بدون تزييف أو تمثيل.

إن العرض الأكبر في هذا الزمن ليس ما نراه، بل ما نخسره، ونحن نضعف تدريجيًا أمام إغراءات المسرح الرقمي، ونترك غيرة القلب تتلاشى كذكرى قديمة.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر