#عــــــاجل الحقيقة

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

زجاجةُ عطرٍ زرقاء

زجاجةُ عطرٍ زرقاء
بقلم / محمد رياني 
كان ينتظرُ مُفاجأةَ السَّفرِ في الصيف، قالتْ له وهي تمسحُ دُموعَها بمنديلِها الرمادي: لا تجزع من غيابي، ٣٠ يومًا وسأعودُ معي بمفاجأة ، رمتْ له المنديلَ على الأرضِ وأخفتْ ما بَقيَ من دموعِها خلفَ خمارها، لوَّحتْ له بيدها وهي متجهةٌ إلى سلَّمِ الطائرة، رفعَ المنديلَ واختلطَ دمعُه بدمعِها الملتصقِ بالمنديلِ ووضعَه في جيبه، حلَّقتْ بها الطائرةُ وهو ينظرُ إلى أعلى وبدأ يحصي دقائقَ الغياب، بقيَ المنديلُ في جيبه؛ تارةً يخرجُه ليمسحَ دمعَه ويضيفَ للمنديلِ رائحةَ الغيابِ وتارةً يُبقيه حتى يسكنَ ألمُ الفراق، لم تجرؤ على محادثتِه وسطَ حصارِ الغربةِ والوحشة، مضى الوقتُ ومازالَ المنديلُ ساكنًا معه، حان موعدُ اللقاء، رأى الطائرةَ تحومُ حولَ الأرضِ لينزلَ منها شذى المناديلِ المسافرة، وقفَ عند بوَّابةِ الوصول، حضرتْ بلا مناديلَ هذه المرة، رأتْه واقفًا ينتظرُها، ألقتْ بكيسٍ أزرق فاخرٍ في غايةِ الأناقة، أشارتْ إليه وسطَ الزحامِ بأن يأخذه، فتحَ الكيسَ ليجدَ المناديلَ.

وإلى جوارها عطرُه الأزرقُ المفضل، رشَّ جانبيه وهو في قمَّةِ أناقتِه، مرَّتْ بجواره، قالت له : قُل حمدًا لله على السلامةِ، انفجرَ ينشجُ والريحُ القادمةُ من زجاجةِ العطرِ الزرقاءِ تتضوَّعُ من جانبيه، قالت له : سرعان ما فتحتَ العطر ! تركَها تمسحُ دموعَها وغادرَ المكانَ كي يُجففَ منابعَ دموعِه ويرشَّ مزيدًا من العطر، أرسلتْ له بعدَ وصولِها تطلبُ منه أن يحتفظَ بالعطرِ وأوراقِ المنديلِ .
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر