×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حكاية ماريونيت

حكاية ماريونيت
بقلم / سلافة سمباوه 
كنا نعيش حياتنا كماريونيت تلك الدمية المعلّقة فوق خشبة مسرح يحركها شخص لا نراه.

أقدامنا تتحرك، أذرعنا تلوّح، رؤوسنا تنحني في اللحظة المناسبة، لكن الخيوط كانت دائمًا مشدودة من الأعلى ، لم نكن نعرف من يمسكها، ولا متى بدأت، فقط اعتدنا الطاعة، إذا تحرّكت الخشبة، تحرّكنا، إذا صفق الجمهور ابتسمنا، وإذا ساد الصمت، تجمّدنا في وضعية جميلة ومؤلمة.

قيل لنا أن هذه هي الحياة:
تحرّك عندما يُطلب منك الحركة، ابتسم عندما يحين الدور، وابكِ خلف الستار إن ثقلت المفاصل.

كبرنا ونحن نخلط بين الحركة والاختيار،
بين أن نتحرّك وأن نكون أحياء.

في كل مرة نحاول أن نلتفت إلى الأعلى، يشدّ أحدهم الخيط بقوة أكبر، كنا نرتبك، نعود إلى الوضعية الصحيحة، ونقنع أنفسنا أن الخشبة آمنة، وأن السقوط مخيف، لم يخبرنا أحد أن الخيوط لا تحمينا! بل تمنعنا من الحرية.

ذات لحظة، ليس لها تصفيق ولا موسيقى، شعرنا بثقل الخشب في أجسادنا، أدركنا أن التعب لم يكن من الحركة، بل من أنها ليست حركتنا، مدّت إحدى الدمى يدها للأعلى، وضعتها على صدرها، حيث لا تصل الخيوط، وهناك حدث أول ارتعاش حر.

بدأ الخيط يرتخي،
لم نسقط ،لم ننكسر، بل
اكتشفنا أن الخوف كان جزءًا من العرض.

قطعنا الخيط الأول، ثم الثاني، ثم الذي يليه، لم نتحول إلى بشر، بقينا خشبًا لكنه يقف من تلقاء نفسه دون تدخل.

خطواتنا كانت متعثرة، غير متقنة، بلا إيقاع مسرحي، لكنها كانت صادقة وجريئة.

وحين خرجنا من تحت الضوء، فهمنا:
التحرر لا يعني أن تختفي الخشبة،
بل أن تدرك أنك لست دمية،
حتى لو بقي أثر الخيوط على كتفيك.
التعليقات