حين تحوّل الكرم إلى عبء والزيارة إلى همّ

بقلم : عامر آل عامر
في زمنٍ مضى، كانت الزيارة تدخل البيوت بخفة النسيم.
كانت تأتي بلا مقدمات ولا استعدادات، ويأتي معها دفءٌ يشبه دفء القلب عندما يلتقي بمن يحب.
لم تكن الموائد معيارًا للاحترام، ولم تكن الضيافة امتحانًا للمكان أو أصحابه.
كانت البساطة هي اللغة الوحيدة المفهومة، وكانت القلوب تتسع قبل الأبواب.
ومع مرور السنوات تغيّر المشهد حتى لم نعد نعرفه.
كبرت التفاصيل، وتضخمت الصورة، وغابت العفوية التي كانت تمنح الزيارة معناها الحقيقي.
صار الضيف يخشى أن يرهق مضيفه، وصار صاحب البيت يخشى أن يبدو مقصرًا.
التوتر الذي يسبق الزيارة صار أثقل من الزيارة نفسها، وتحول الكرم من قيمة إلى عبء، ومن عادة طيبة إلى استعراض يأكل من الجهد أكثر مما يعطي من المودة.
أصبحت الزيارة حدثًا يُرهق المرأة قبل أن تفرح به، ويستنزف الرجل قبل أن يرحّب بضيوفه.
وتحوّلت الوجوه التي كانت تتلهّف للقيا الأحباب إلى وجوه تفكر في تجهيزات المطبخ أكثر مما تفكر في اللقاء ذاته.
فخفتت رغبة الناس في التواصل، وتراجع الأقرباء خطوة إلى الخلف، وتردد الأصدقاء قبل أن يطرقوا بابًا قد يوقع صاحبه في الحرج.
كانت الزيارة يومًا حياةً تُنفخ في البيوت.
ولكن حين غلب التكلف، انطفأت تلك الحياة.
صار البيت الذي كان يفرح بقدوم الضيف مكانًا يحسب تكلفة الوقت والجهد، وصار الضيف الذي كان يملأ المكان دفئًا يخشى أن يقتطع شيئًا من راحة من يحب.
إننا نخسر شيئًا ثمينًا عندما نثقل اللقاء بهذا الكم من الترتيب المصنوع.
نخسر لحظة صادقة كان يمكن أن تعيد وداً، وتصل رحمًا، وتحفظ علاقة على وشك أن تبهت.
نخسر جلسة هادئة كانت لتصنع ذكرى لا تُنسى، ونخسر ضحكة كانت لتملأ البيت نورًا.
الضيف لا يأتي ليُدهش، بل ليُؤنس.
ولا يطرق الباب ليصدر أحكامًا، بل ليشعر بالقرب.
ولا يجلس ليحصي ما وضع على المائدة، بل ليملأ الوقت بودّ لا يُشترى.
لذلك لا بد أن نستعيد البساطة التي طُمست تحت أثقال الموائد.
أن نُعيد للزيارة معناها الأول الذي نشأت عليه: حضور، ومحبة، ودفء.
أن نفتح أبوابنا وقلوبنا كما كانت… بلا خوف من نقص، وبلا حاجة إلى استعراض.
فاللقاء الصادق يكفيه كوب قهوة، ولا تحتاج المحبة إلى وليمة لتثبت حضورها.
البيوت تزدهر بمن يدخلها لا بما يوضع فيها.
والزيارة التي تمتلئ بالراحة تزيد القلوب قربًا، واللحظة التي تُصنع بصدق تعيش أطول من كل تلك الأطباق التي تُنسى بعد دقائق.
فلنخفف التكلّف.
فلنرحّب بالبساطة.
ولنترك الزيارة تعود كما كانت: فرصة لإحياء الود، لا اختبارًا لقدرات المطبخ.
كانت تأتي بلا مقدمات ولا استعدادات، ويأتي معها دفءٌ يشبه دفء القلب عندما يلتقي بمن يحب.
لم تكن الموائد معيارًا للاحترام، ولم تكن الضيافة امتحانًا للمكان أو أصحابه.
كانت البساطة هي اللغة الوحيدة المفهومة، وكانت القلوب تتسع قبل الأبواب.
ومع مرور السنوات تغيّر المشهد حتى لم نعد نعرفه.
كبرت التفاصيل، وتضخمت الصورة، وغابت العفوية التي كانت تمنح الزيارة معناها الحقيقي.
صار الضيف يخشى أن يرهق مضيفه، وصار صاحب البيت يخشى أن يبدو مقصرًا.
التوتر الذي يسبق الزيارة صار أثقل من الزيارة نفسها، وتحول الكرم من قيمة إلى عبء، ومن عادة طيبة إلى استعراض يأكل من الجهد أكثر مما يعطي من المودة.
أصبحت الزيارة حدثًا يُرهق المرأة قبل أن تفرح به، ويستنزف الرجل قبل أن يرحّب بضيوفه.
وتحوّلت الوجوه التي كانت تتلهّف للقيا الأحباب إلى وجوه تفكر في تجهيزات المطبخ أكثر مما تفكر في اللقاء ذاته.
فخفتت رغبة الناس في التواصل، وتراجع الأقرباء خطوة إلى الخلف، وتردد الأصدقاء قبل أن يطرقوا بابًا قد يوقع صاحبه في الحرج.
كانت الزيارة يومًا حياةً تُنفخ في البيوت.
ولكن حين غلب التكلف، انطفأت تلك الحياة.
صار البيت الذي كان يفرح بقدوم الضيف مكانًا يحسب تكلفة الوقت والجهد، وصار الضيف الذي كان يملأ المكان دفئًا يخشى أن يقتطع شيئًا من راحة من يحب.
إننا نخسر شيئًا ثمينًا عندما نثقل اللقاء بهذا الكم من الترتيب المصنوع.
نخسر لحظة صادقة كان يمكن أن تعيد وداً، وتصل رحمًا، وتحفظ علاقة على وشك أن تبهت.
نخسر جلسة هادئة كانت لتصنع ذكرى لا تُنسى، ونخسر ضحكة كانت لتملأ البيت نورًا.
الضيف لا يأتي ليُدهش، بل ليُؤنس.
ولا يطرق الباب ليصدر أحكامًا، بل ليشعر بالقرب.
ولا يجلس ليحصي ما وضع على المائدة، بل ليملأ الوقت بودّ لا يُشترى.
لذلك لا بد أن نستعيد البساطة التي طُمست تحت أثقال الموائد.
أن نُعيد للزيارة معناها الأول الذي نشأت عليه: حضور، ومحبة، ودفء.
أن نفتح أبوابنا وقلوبنا كما كانت… بلا خوف من نقص، وبلا حاجة إلى استعراض.
فاللقاء الصادق يكفيه كوب قهوة، ولا تحتاج المحبة إلى وليمة لتثبت حضورها.
البيوت تزدهر بمن يدخلها لا بما يوضع فيها.
والزيارة التي تمتلئ بالراحة تزيد القلوب قربًا، واللحظة التي تُصنع بصدق تعيش أطول من كل تلك الأطباق التي تُنسى بعد دقائق.
فلنخفف التكلّف.
فلنرحّب بالبساطة.
ولنترك الزيارة تعود كما كانت: فرصة لإحياء الود، لا اختبارًا لقدرات المطبخ.