أعمار الإنسان الثلاثة

بقلم - خلود عبد الجبار
في رحلة الإنسان عبر الزمن، لا يُقاس عمره بعدد السنوات التي عاشها فحسب، بل بتعدد زوايا النظر إلى حياته، فهناك ثلاثة أعمار تحكم وجوده: العمر الحقيقي، والعمر البيولوجي، والعمر الروحي، ولكل منها لغته الخاصة ومؤشراته المختلفة.
العمر الحقيقي هو العمر الذي يُقاس بالأيام والسنوات منذ لحظة الميلاد، وهو ما يظهر في الوثائق الرسمية والاحتفالات السنوية، يمثل الجانب الزمني من حياة الإنسان، لكنه لا يعكس بالضرورة نضجه أو حالته الصحية أو مقدار خبرته في الحياة، فقد يبلغ شخص ما الخمسين، لكنه يحتفظ بنشاط شاب في العشرين، بينما قد يبدو آخر في الثلاثين وكأنه يشيخ مبكرًا.
أما العمر البيولوجي فهو ما تعكسه الخلايا والأعضاء الحيوية من مؤشرات على التقدم أو التراجع، ويقيسه الأطباء عبر معايير مثل ضغط الدم ونسبة الدهون وصحة القلب ومرونة الجلد وسرعة الاستجابة العصبية، وقد يتجاوز أو يقل عن العمر الحقيقي بعدة سنوات تبعًا لنمط الحياة، فالأشخاص الذين يعيشون حياة صحية ويتجنبون التوتر والتدخين والكسل، تبدو أجسادهم أصغر من أعمارهم الزمنية، بينما تسرّع العادات السلبية شيخوخة الجسد وتجعلهم يبدون أكبر من أعمارهم الفعلية.
أما العمر الروحي فهو الأعمق والأصعب قياسًا، لأنه يتصل بما تحمله الروح من طمأنينة ونضج وتجارب.
قد يكون الإنسان شابًا في عمره الحقيقي، لكنه يحمل روحًا شائخة أثقلها الهم، أو مسنًا في السن بروح شابة مفعمة بالأمل ، يقاس العمر الروحي بمدى الصفاء الداخلي، والقدرة على العطاء، والتسامح، والإيمان بمعنى الوجود، وهو الذي يجعل من صاحبه أكثر اتزانًا وعمقًا، يواجه الحياة برؤية سامية لا تحدها السنوات.
تكمن الفروقات بين هذه الأعمار في أن الحقيقي يصف الزمن، والبيولوجي يصف الجسد، والروحي يصف الوعي والوجدان، لكنها ليست متناقضة بل متكاملة، حين يتقارب العمر البيولوجي مع الحقيقي ويتقدمهما العمر الروحي بالنضج والصفاء، يعيش الإنسان حياة متوازنة تجمع بين صحة الجسد ونور الروح وحكمة التجربة.
في النهاية، الإنسان ليس رقمًا في سجل الميلاد، بل منظومة أعمارٍ متداخلة يختار هو كيف يعيشها، فمن يُهمل جسده يشيخ باكرًا، ومن يُهمل روحه يعيش ضائعًا مهما طال عمره، أما من يرعى جسده وروحه معًا، فيكتب عمرًا ثالثًا أعمق من كل السنين، هو عمر الوعي
في رحلة الإنسان عبر الزمن، لا يُقاس عمره بعدد السنوات التي عاشها فحسب، بل بتعدد زوايا النظر إلى حياته، فهناك ثلاثة أعمار تحكم وجوده: العمر الحقيقي، والعمر البيولوجي، والعمر الروحي، ولكل منها لغته الخاصة ومؤشراته المختلفة.
العمر الحقيقي هو العمر الذي يُقاس بالأيام والسنوات منذ لحظة الميلاد، وهو ما يظهر في الوثائق الرسمية والاحتفالات السنوية، يمثل الجانب الزمني من حياة الإنسان، لكنه لا يعكس بالضرورة نضجه أو حالته الصحية أو مقدار خبرته في الحياة، فقد يبلغ شخص ما الخمسين، لكنه يحتفظ بنشاط شاب في العشرين، بينما قد يبدو آخر في الثلاثين وكأنه يشيخ مبكرًا.
أما العمر البيولوجي فهو ما تعكسه الخلايا والأعضاء الحيوية من مؤشرات على التقدم أو التراجع، ويقيسه الأطباء عبر معايير مثل ضغط الدم ونسبة الدهون وصحة القلب ومرونة الجلد وسرعة الاستجابة العصبية، وقد يتجاوز أو يقل عن العمر الحقيقي بعدة سنوات تبعًا لنمط الحياة، فالأشخاص الذين يعيشون حياة صحية ويتجنبون التوتر والتدخين والكسل، تبدو أجسادهم أصغر من أعمارهم الزمنية، بينما تسرّع العادات السلبية شيخوخة الجسد وتجعلهم يبدون أكبر من أعمارهم الفعلية.
أما العمر الروحي فهو الأعمق والأصعب قياسًا، لأنه يتصل بما تحمله الروح من طمأنينة ونضج وتجارب.
قد يكون الإنسان شابًا في عمره الحقيقي، لكنه يحمل روحًا شائخة أثقلها الهم، أو مسنًا في السن بروح شابة مفعمة بالأمل ، يقاس العمر الروحي بمدى الصفاء الداخلي، والقدرة على العطاء، والتسامح، والإيمان بمعنى الوجود، وهو الذي يجعل من صاحبه أكثر اتزانًا وعمقًا، يواجه الحياة برؤية سامية لا تحدها السنوات.
تكمن الفروقات بين هذه الأعمار في أن الحقيقي يصف الزمن، والبيولوجي يصف الجسد، والروحي يصف الوعي والوجدان، لكنها ليست متناقضة بل متكاملة، حين يتقارب العمر البيولوجي مع الحقيقي ويتقدمهما العمر الروحي بالنضج والصفاء، يعيش الإنسان حياة متوازنة تجمع بين صحة الجسد ونور الروح وحكمة التجربة.
في النهاية، الإنسان ليس رقمًا في سجل الميلاد، بل منظومة أعمارٍ متداخلة يختار هو كيف يعيشها، فمن يُهمل جسده يشيخ باكرًا، ومن يُهمل روحه يعيش ضائعًا مهما طال عمره، أما من يرعى جسده وروحه معًا، فيكتب عمرًا ثالثًا أعمق من كل السنين، هو عمر الوعي