×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

“أبيع كليتي وأسافر”.. جملة دارجة تكشف خطورة الاستهانة بالحياة

“أبيع كليتي وأسافر”.. جملة دارجة تكشف خطورة الاستهانة بالحياة
بقلم : ناجي الخلف 
باتت بعض العبارات الدارجة في أحاديث المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي مثار جدلٍ وقلق، حيث يتداول البعض جملة: “أبيع كليتي وأشتري الشيء الفلاني” أو “أبيع كليتي وأسافر السفرة الفلانية”، للتعبير عن غلاء الأسعار أو شدة التعلّق برغبة معينة. وعلى الرغم من طرافة العبارة لدى قائلها، إلا أنها تحمل في مضمونها استخفافاً بأحد أهم أعضاء جسم الإنسان، الكلية، التي تُعد خط الدفاع الأول عن حياة الإنسان وصحته.

الكلى ليست مجرد عضو صغير كما قد يظن البعض، فهي جهاز تنقية متكامل، تقوم بترشيح الدم والتخلص من السموم وتنظيم السوائل والأملاح في الجسم. وأي خلل في وظيفتها ينعكس مباشرة على حياة المريض، حيث قد يجد نفسه مضطراً للغسيل الكلوي أو لزراعة كلية جديدة حتى يتمكّن من الاستمرار في العيش.

الأطباء والمتخصصون يحذّرون من خطورة هذا النوع من التلاعب بالألفاظ، فالتكرار قد يُرسّخ في ذهن المجتمع استهانةً بأهمية الأعضاء الحيوية، في وقت تتزايد فيه أعداد مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون متبرعين ليحظوا بفرصة حياة جديدة.

من الناحية الاجتماعية، تكشف هذه العبارات أيضاً عن واقع اقتصادي ومعيشي يدفع الناس إلى التعبير عن معاناتهم بأساليب مبالغ فيها، لكنها في النهاية تظل انعكاساً لوعي يحتاج إلى تصحيح. فبدلاً من الاستهزاء بعضو حيوي كالكلى، من الأجدر نشر ثقافة تقدير الصحة، والتأكيد على أن “الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى”.

ختاماً، قد تكون الجملة مجرد مزحة، لكنها تحمل رسالة خاطئة. الصحة لا تُباع ولا تُشترى، والكلى ليست ورقة للمساومة. فالمجتمع بحاجة إلى إعادة النظر في مفرداته اليومية، لأن الكلمة قد تصنع وعياً وقد تهدم قيماً، وما أغلى من أن نهدر قيمة الحياة لمجرد تعبير عابر.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر