فاجعة الموت
سالم جيلان
الخميس "الونيس" يوم مختلف لدى الناس وفيه يبتهج الجميع من المسلمين لأنه يسبق الجمعة ويأنسون بكل تفاصيله... غير أن عائلة عبده هديش الشهير بلقب "عبده أصلع" أمسى ونيسهم تعيسًا يكتنفهم فيه الحزن والألم إذ أصابتهم "فاجعة الموت" بأنيسة أبيهم التي ظلت ترعاه على مدى عقدين من الزمان وهي ابنته وفلذة كبده.
عاشت أحياء العروج بصبيا مساء الخميس ١٤ صفر ١٤٤٢هـ تفاصيل أليمة عندما تعرضت امرأتين من الحي لحادثة دهسٍ من سيارةٍ جامحة في ساحة سوق الثلاثاء القديم بصبيا كانت ابنة العم عبده أصلع إحداهن وشاءت الأقدار أن تلفظ أنفاسها وتقضي نحبها في موقع الحادثة ونجت مرافقتها.
هذه المرأة - التي راحت ضحيةً لتهور سائق وإهمال طريق- تجاوزت الأربعين من عمرها حيث كانت مرافقةً لوالدها الرجل العجوز منذ وفاة والدتها قبل حوالي عشرين عامًا فقد تزوج شقيقيها وشقيقتها وظلت هي ترعى والدها المسن وتقوم على شؤونه حتى حانت ساعة مغادرتها لهذه الدنيا في فاجعةٍ أليمة تحت عجلات سيارةٍ مُسرعة وهي في طريقها لمنزلها مع جارتها.
شاهدت والدها المكلوم فجر الجمعة عند دفنها وهو يتحدث بكثيرٍ من الألم عن الخبر الذي نزل عليه كالصاعقة ويسترجع آخر أحاديثها معه ويردد كلماتها ووصاياها له بعدم الخروج من المنزل خوفًا وحرصًا منها عليه واليوم يودعها لمثواها الأخير حزينًا بائسًا وسمعت أحد الجيران حوله يقول "كانت ترعاه والآن أصبح وحيدًا"... تذكرت حينها بأنها بالفعل بقيت دون زواج راعيةً لوالدها بعد وفاة أمها بالفشل الكلوي قبل عقدين من الزمان.
المآسي والأحزان تتفاوت في وقعها ويبقى الإنسان رهين الذكريات والآلام كلما فقد غاليًا مع مرور الزمن.