×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

"لحظة زمانية بأبعاد مستقبلية"

"لحظة زمانية بأبعاد مستقبلية"
بقلم: عبدالعزيز الرحيل 
في عالمٍ تتعدد فيه التخصصات، وتتغير فيه متطلبات سوق العمل باستمرار، لم يعد اختيار التخصص الجامعي مجرد قرار لحظي أو عاطفي، بل هو خارطة طريق واعية، تُرسم بالمعرفة، وتُبنى على فهم الذات، وتُوجَّه بالبصيرة. فكل تخصص هو بداية مسار، وكل قرار أكاديمي هو لبنة في بناء المستقبل. لذلك، لا تبدأ الرحلة دون وعي، ولا تضع خُطاك دون خريطة.

لم يعد اختيار التخصص الجامعي قرارًا عفويًا أو قائمًا على التقاليد، بل أصبح خيارًا استراتيجيًا يُبنى على وعي واطلاع مسبق، خصوصًا مع بروز تخصصات جديدة كـالذكاء الاصطناعي، علم البيانات، الأمن السيبراني، والتكنولوجيا الحيوية.

الخطأ الشائع لدى كثير من الطلاب هو خوض المرحلة الجامعية دون استكشاف حقيقي للتخصصات ومجالاتها، مما يؤدي لاحقًا إلى صدمة الواقع أو ندم مهني يصعب تداركه.

وبحسب تقارير وزارة التعليم، يتخرج من المرحلة الثانوية في السعودية أكثر من 450 ألف طالب وطالبة سنويًا، يتجه كثير منهم مباشرة إلى التعليم الجامعي دون المرور بمرحلة تأمل أو استكشاف حقيقي لما ينتظرهم، لا من حيث التخصصات، ولا من حيث متطلبات سوق العمل المتغيّرة.

المرحلة التي تلي الثانوية ليست مجرد محطة انتقال، بل مساحة يجب أن تُستثمر في البحث، والتوجيه، والتجربة. ومن الضروري أن تتضمن هذه المرحلة أدوات إرشاد فعّالة، وزيارات ميدانية، ودورات قصيرة، بل وحتى مقابلات مع خريجين ومختصين، ليتمكن الطالب من بناء قراره على وعي، لا على مجرّد الانطباع أو ضغط المجتمع.

الاطلاع المسبق يعني البحث، والسؤال، والتجربة، ومتابعة الخبراء والطلاب، وليس مجرد قراءة العناوين. فالمعرفة المبكرة تمنح الطالب الثقة في اختياره، وتساعده على التوفيق بين شغفه ومتطلبات سوق العمل.

باختصار، التخصص لا يُختار بالعشوائية أو الضغط الاجتماعي، بل بالوعي الذاتي والمعرفة الدقيقة. فالعالم لا ينتظر من لا يسأل، ولا يعذر من لم يطّلع.

في المملكة العربية السعودية، تعتمد العديد من الجامعات نظام السنة التحضيرية، وهي سنة تمهيدية قبل الدخول في التخصص الفعلي، وتهدف إلى إعداد الطالب أكاديميًا ومهاريًا، وغالبًا ما تكون مخصصة لتخصصات معينة.

التجارب العالمية:

في الولايات المتحدة، يتمتع الطلاب بمرونة في اختيار التخصص، حيث يمرون بسنة تُعرف بنظام التعليم العام (General Education)، يدرسون خلالها مواد متنوعة من تخصصات مختلفة، مع وجود مستشارين أكاديميين يوجهونهم وفق احتياجات سوق العمل.

وفي الصين، لا بد للطالب من اجتياز امتحان القاوكاو (Gaokao)، وهو اختبار يُحدد مصير الطالب الأكاديمي بناءً على درجاته النهائية، وتُعد فرص تغيير التخصص بعد ذلك محدودة وصعبة.

أما في أوروبا، فتتم عملية اختيار التخصص منذ اليوم الأول بطريقة مهنية، مع وجود قدر متوسط من المرونة في تغيير التخصص لاحقًا.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر