الترندات بين اللحظة والهوية
بقلم / خلود عبد الجبار
تُعد كلمة “ترند” (Trend) في أصلها الإنكليزي مرادفة للتوجه أو الميل أو الاتجاه السائد، وكانت تُستخدم في سياقات الاقتصاد والموضة لوصف الظواهر الصاعدة أو الأنماط التي يتزايد الاهتمام بها. لكنها مع ظهور الإنترنت، ثم بزوغ نجم مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّلت إلى مصطلح واسع وشائع يُطلق على كل ما يلقى رواجًا لافتًا في فترة زمنية قصيرة، من أخبار وقضايا وأشخاص إلى أغنيات ونكات ومواقف.
بدأت ظاهرة الترندات في أوائل الألفية الجديدة، لكن صعودها الحقيقي تزامن مع تطور خوارزميات منصات مثل تويتر ويوتيوب وتيك توك، التي تعيد ترتيب المحتوى بحسب ما يتفاعل معه المستخدمون أكثر. ومن هنا أصبح “الترند” ليس فقط انعكاسًا لما يهتم به الناس، بل محفزًا لصناعة الاهتمام ذاته، حيث تُصاغ العناوين، وتُنتج الفيديوهات، وتُطلق الحملات، بغية الوصول إلى الترند، أي إلى القمة الرقمية حيث تتجه الأنظار وتُستقطب الجماهير.
ولأن الترند بات اليوم أحد أبرز المؤشرات على ما يشغل الوعي الجمعي، بدأت التساؤلات تزداد: هل نحن أمام ثقافة جديدة؟ وهل يُمكن تصنيف “ثقافة الترندات” كمكوّن حديث ضمن خارطة الثقافة العامة للمجتمعات؟
الآراء هنا منقسمة بحدة. الفريق المؤيد يرى أن الترندات أصبحت وسيلة تعبير حقيقية للجماهير، تعكس اهتماماتهم وتُحرك النقاشات، وتُسلّط الضوء على قضايا قد لا تجد لها منابر تقليدية. هذه الثقافة الجديدة، بحسب هذا الرأي، لا تقل شأنًا عن الثقافة الورقية أو النخبوية، لأنها نابضة بالحياة، ومتفاعلة، وديناميكية. ومن خلالها، ظهر جيل جديد من المبدعين والمؤثرين، وتم إحياء قضايا منسية، وكسرت حواجز بين النخبة والشارع.
في المقابل، يرى الرافضون لتصنيف الترند كثقافة أنه لا يتجاوز كونه فقاعة رقمية. يتحدثون عن هشاشته، وسرعة تقلبه، وتحكم الخوارزميات في تشكيله، إلى جانب ما يحمله من محتوى فارغ أحيانًا أو مضلل أو حتى ضار. هؤلاء يرون أن الترندات تسطح القضايا، وتروّج للسطحية، وتُغرق الأفراد في تكرار لا نهاية له من المحتوى المبتذل، وتخلق نجوماً من اللاشيء، وتُقصي القيم الفكرية لصالح اللحظة السريعة.
أما المجتمع نفسه، فبين شد وجذب. فئة كبيرة باتت ترى الترند مرآةً لذوق العصر، تتابعه بشغف، وتشارك فيه، وتصنعه أحيانًا. بينما هناك من يشعر بالإرهاق من وطأة تسارع الترندات وتقلباتها، ويتساءل: هل ما نعيشه هو وعي حقيقي أم مجرد تدفق غير منظم لما يُملى علينا؟
الأمر المؤكد أن “ثقافة الترندات” – سواء أحببناها أم لا – قد تجاوزت كونها مجرّد موجة مؤقتة. لقد فرضت نفسها بقوة، ودخلت قواميس الحياة اليومية، وغدت أداة ضغط اجتماعي، وآلية جديدة للانتشار، وصوتًا متغيرًا للناس. وربما مع الوقت، وعبر مزيد من التنظيم والوعي، تتحوّل هذه الظاهرة إلى رافد ثقافي حقيقي، لا إلى مجرد صدى رقمي عابر
بدأت ظاهرة الترندات في أوائل الألفية الجديدة، لكن صعودها الحقيقي تزامن مع تطور خوارزميات منصات مثل تويتر ويوتيوب وتيك توك، التي تعيد ترتيب المحتوى بحسب ما يتفاعل معه المستخدمون أكثر. ومن هنا أصبح “الترند” ليس فقط انعكاسًا لما يهتم به الناس، بل محفزًا لصناعة الاهتمام ذاته، حيث تُصاغ العناوين، وتُنتج الفيديوهات، وتُطلق الحملات، بغية الوصول إلى الترند، أي إلى القمة الرقمية حيث تتجه الأنظار وتُستقطب الجماهير.
ولأن الترند بات اليوم أحد أبرز المؤشرات على ما يشغل الوعي الجمعي، بدأت التساؤلات تزداد: هل نحن أمام ثقافة جديدة؟ وهل يُمكن تصنيف “ثقافة الترندات” كمكوّن حديث ضمن خارطة الثقافة العامة للمجتمعات؟
الآراء هنا منقسمة بحدة. الفريق المؤيد يرى أن الترندات أصبحت وسيلة تعبير حقيقية للجماهير، تعكس اهتماماتهم وتُحرك النقاشات، وتُسلّط الضوء على قضايا قد لا تجد لها منابر تقليدية. هذه الثقافة الجديدة، بحسب هذا الرأي، لا تقل شأنًا عن الثقافة الورقية أو النخبوية، لأنها نابضة بالحياة، ومتفاعلة، وديناميكية. ومن خلالها، ظهر جيل جديد من المبدعين والمؤثرين، وتم إحياء قضايا منسية، وكسرت حواجز بين النخبة والشارع.
في المقابل، يرى الرافضون لتصنيف الترند كثقافة أنه لا يتجاوز كونه فقاعة رقمية. يتحدثون عن هشاشته، وسرعة تقلبه، وتحكم الخوارزميات في تشكيله، إلى جانب ما يحمله من محتوى فارغ أحيانًا أو مضلل أو حتى ضار. هؤلاء يرون أن الترندات تسطح القضايا، وتروّج للسطحية، وتُغرق الأفراد في تكرار لا نهاية له من المحتوى المبتذل، وتخلق نجوماً من اللاشيء، وتُقصي القيم الفكرية لصالح اللحظة السريعة.
أما المجتمع نفسه، فبين شد وجذب. فئة كبيرة باتت ترى الترند مرآةً لذوق العصر، تتابعه بشغف، وتشارك فيه، وتصنعه أحيانًا. بينما هناك من يشعر بالإرهاق من وطأة تسارع الترندات وتقلباتها، ويتساءل: هل ما نعيشه هو وعي حقيقي أم مجرد تدفق غير منظم لما يُملى علينا؟
الأمر المؤكد أن “ثقافة الترندات” – سواء أحببناها أم لا – قد تجاوزت كونها مجرّد موجة مؤقتة. لقد فرضت نفسها بقوة، ودخلت قواميس الحياة اليومية، وغدت أداة ضغط اجتماعي، وآلية جديدة للانتشار، وصوتًا متغيرًا للناس. وربما مع الوقت، وعبر مزيد من التنظيم والوعي، تتحوّل هذه الظاهرة إلى رافد ثقافي حقيقي، لا إلى مجرد صدى رقمي عابر