×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

متلازمة الحب.. حين يتحول التعلّق العاطفي إلى قيد نفسي

متلازمة الحب.. حين يتحول التعلّق العاطفي إلى قيد نفسي
إعداد : رشيد محمد رشيد آل جلي 
الحب من أسمى المشاعر الإنسانية، لكنه قد يتحول في بعض الحالات إلى حالة من التعلّق المفرط تُفقد الإنسان اتزانه النفسي وتدفعه إلى التضحية بذاته في سبيل الآخر، في ما يُعرف اصطلاحًا بـ"متلازمة الحب". ورغم أن هذا المصطلح لا يندرج ضمن التصنيفات النفسية الرسمية مثل DSM-5، إلا أن مظاهره تتقاطع مع اضطرابات التعلّق والإدمان العاطفي. متلازمة الحب هي نمط من العلاقات العاطفية يقوم على ارتباط غير متوازن بالشريك، حيث يصبح الآخر محورًا وجوديًا لا غنى عنه، ويؤدي ذلك إلى فقدان الاستقلالية وتآكل الهوية الذاتية، حتى يُختزل الشعور بالقيمة الذاتية بوجود ذلك الشخص فقط. تشمل متلازمة الحب عددًا من السلوكيات والمشاعر التي تعكس اضطرابًا داخليًا، منها: التفكير القهري والمستمر في الشريك، الخوف المبالغ فيه من الفقد أو الخيانة، الغيرة المرضية، التضحية المفرطة على حساب الذات، الاعتماد العاطفي الكامل، والشعور بالضياع في غيابه. تتعدد العوامل التي تقف خلف هذه الحالة، منها: نمط التعلق القَلِق في الطفولة نتيجة الإهمال أو التذبذب في تعامل الوالدين، ضعف تقدير الذات ما يدفع الشخص للبحث عن قيمته من خلال الآخر، تجارب سابقة من الفقد أو الخيانة تركت أثرًا عاطفيًا عميقًا، ونماذج مشوهة للحب يروّج لها الإعلام أو البيئة الأسرية، تعزز من صورة الحب القائم على التعلّق والذوبان في الآخر.
الحب الصحي يقوم على التوازن ويعزز الاستقلال والثقة، ويقوم على الاحترام المتبادل وحدود واضحة، بينما الحب المرضي يتسم بالاعتماد العاطفي المطلق، ويغذي القلق والاحتياج المستمر، ويتسبب في التضحية المفرطة وتنازل الفرد عن ذاته.
معرفة جذور المشكلة هي أول خطوة نحو التحرر منها، وتشمل وسائل العلاج: العلاج المعرفي السلوكي لتصحيح الأفكار المشوّهة حول الذات والحب، العلاج بالتحليل النفسي لاكتشاف أسباب التعلّق المرضي في الطفولة، تعزيز الاستقلال العاطفي من خلال التأمل والكتابة والتعبير عن الذات، والحصول على دعم اجتماعي صحي من الأصدقاء أو المجموعات العلاجية.
متلازمة الحب ليست مجرد إفراط في المشاعر، بل هي صرخة داخلية لحاجة عميقة لم تلبَّ في وقتها، والتعامل معها يتطلب وعيًا وإرادة لبناء علاقات قائمة على الوعي لا على الخوف.
قال الله تعالى: {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًا إنا لنراها في ضلال مبين} صدق الله العظيم – سورة يوسف.

المراجع:

Bowlby, J. (1988). A Secure Base

Hazan & Shaver (1987). Romantic love as an attachment process

Norwood, R. (1985). Women Who Love Too Much
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر