×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حارة الجمالةُ بجيزان.. مائدةُ الزمنِ العائد

حارة الجمالةُ بجيزان.. مائدةُ الزمنِ العائد
مصباح آل هادي 
تنبضُ حارةُ الجمالةِ بروحها العتيقة، فتفتحُ ذراعيها لليلةٍ رمضانيةٍ استثنائية، حيث اجتمعَ أهلُها حولَ مأدبةِ إفطارٍ جماعيةٍ في الرابع عشرَ من رمضان لعامِ 1446هـ، ليعيدوا بذلك نسيجَ الذاكرةِ المنسوجِ بخيوطِ العراقةِ والتلاحم.

نظم أبناء حارة الجمالة ، وبحضور عمدة منطقة جازان الأستاذ حمزة عقيل، مائدة الإفطار التي اجتمعَ حولها الكبارُ والصغارُ، القُدامى والجُدد، لإحياءُ الذكرياتُ، في مشهدٍ أشبهَ بصفحةٍ مطويةٍ من زمنٍ لم يغب.

مدَّت الأيادي أطباقَ الخير، وامتزجت رائحةُ الأطعمةِ الشعبيةِ برائحةِ الطينِ العالقِ في جدرانِ البيوتِ القديمة، وكأنّ الحارةَ تهمسُ بلسانِ ماضيها: ما زلتُ هنا.

في هذا الحي، الذي لم تهزّه العصورُ ولم تُطفئْ بريقَه الحداثةُ، تتشابكَ الأزقةُ الضيقةُ كما تتشابكُ القلوبُ، وما زالتِ الجدرانُ تحملُ وشوشاتِ التجارِ والحمّالين، صدى خطواتِ الجِمالِ المحمّلةِ بالبضائعِ القادمةِ من اليمن، ونبضَ سوقٍ كان يوماً قلبَ المدينةِ النابض.

كان السوقُ يزخرُ بالحركةِ، تتدفقُ إليه الجِمالُ محملةً بالخيرِ، وكان الرجالُ يتزاحمونَ لإنزالِ ما تجودُ به الأسفار.

وهكذا، في حضنِ هذه الأمسيةِ المباركة، لم يكن الإفطارُ مجردَ طعامٍ على مائدةٍ مشتركة، بل كان امتداداً لتاريخٍ لا يموت، ورسالةً صامتةً بأنَّ الأمكنةَ العريقةَ لا تتلاشى، بل تختبئُ في التفاصيلِ، بانتظارِ لحظةٍ صادقةٍ تعيدُ إليها الحياة.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر