#عــــــاجل الحقيقة

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

المرأة والإرث بين مطرقة العادات الجاهلية وسندان المجتمع

المرأة والإرث بين مطرقة العادات الجاهلية وسندان المجتمع
بقلم/ رشيد محمد آل جلي 
أنزل الله تعالى آيات محكمات في كتابه الطاهر العظيم وبين على لسان رسوله الكريم حق المرأة في قسمة التركة في الدين الإسلامي وأحكام الشريعة الإسلامية التي وردت في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حيث وضع قواعد دقيقة وعادلة لتوزيع الإرث ومراعات العلاقات الأسرية والمسؤوليات المالية.

أما من ناحية الأسس الشرعية:
فنصيب الأنثى في الإرث قد يختلف حسب صلتها بالمتوفى سواءً كانت، ابنة أو زوجة أو أم أو جدة أو أخت.
فالقاعدة الأساسية: "للذكر مثل حظ الأنثيين" في بعض الحالات، لكن هناك حالات ترث فيها المرأة نصيباً مساوياً أو أكثر من الرجل.
وكشرح مبسط لبعض ما أفهمه في فقه الإرث ونصيب الأنثى في التركة وما أقره الله تعالى في القرآن الكريم ورسوله في السنة النبوية الشريفة:

أولاً: إذا كانت إبنة:
-إذا كانت إبنة وكانت وحيدة فترث نصف التركة.
-إذا كان هناك أكثر من إبنة فيشتركن في ثلثي التركة بالتساوي.
-إذا كان هناك أبناء ذكور: فترث الابنة نصف نصيب الابن.

ثانياً: إذا كانت أم:
-ترث السدس وإذا كان للمتوفى أبناء أو إخوة.
-ترث الثلث إذا لم يكن له أبناء وكان الورثة المباشرون هما الأب والأم فقط.
ثالثا: إذا كانت زوجة:
فترث الثُمن إذا كان للزوج المتوفى أبناء وترث الرُبع إذا لم يكن له أبناء.
رابعاً: إن كانت أخت:
-إن كانت أخت ولم يكن هناك إخوة ذكور، فترث النصف (إن كانت واحدة).
-وإذا كان هناك إخوة ذكور، فترث نصف نصيب الأخ.
-إذا كانت المرأة هي الوحيدة من الورثة (مثلاً ابنة فقط)، فقد ترث التركة كاملة بعد توزيع الحقوق والوصايا.
ومن الحكمة في تفاوت الأنصبة:
أولاً: المسؤوليات المالية:
فالرجل في الشريعة الإسلامية مكلف بالإنفاق على الأسرة (مهما كان دخله) بينما الأنثى ليست مكلفة بذلك، حتى لو كانت غنية.
ثانياً: التوازن الاجتماعي:
فتقسيم الإرث يراعي الدور الاجتماعي والاقتصادي لكل فرد، لضمان استقرار الأسرة والمجتمع.

أما أهمية تطبيق الأحكام:
فالإسلام أقر هذه الأحكام لضمان العدالة ومنع الظلم بتاتاً. وأن أي محاولة لمنع المرأة من إرثها أو التلاعب بحقها يخالف الشرع ويُعتبر من كبائر الذنوب، فللأنثى حق شرعي في الإرث لا يجوز التنازل عنه بالإكراه أو الحرمان تحت أي ظرف كان.
والإسلام كرّم المرأة ومنحها نصيباً عادلاً يناسب دورها ومسؤولياتها، وعليها أن تعرف حقوقها وتطالب بها، وعلى المجتمع كذلك أن يلتزم بتطبيق الشرع والقانون دون تحيز أو تمييز.
ورغم تقدم مجتمعاتنا علمياً وثقافيا وما وصلت له الثقافة الإلكترونية والقضاء شبه الكامل على الجهل والأمية إلا أنه للأسف الشديد لازال هناك من يمنع ويمكر ويمارس الضغوط لعدم حصول المرأة المسلمة لحقوقها الشرعية والإقتصادية والإجتماعية وحتى النفسية في بعض الأسر وبعض القبائل والأماكن داخل مجتمعنا المسلم، فتجدها مسلوبة في حقوقها الشرعية عند بعض المجتمعات وبعض القبائل واصبحت إحدى القضايا التي تعكس التناقض بين ماتقره الشريعة الإسلامية والقوانين وما يتم تطبيقه فعليًا في بعض البيئات الاجتماعية.

بالرغم من أن الإسلام وضع قواعد عادلة ومُنصفة للمرأة في الميراث، إلا أني أجد بعض العادات والتقاليد والأعراف التي ما أنزل الله بها من سلطان تعيق حصولها على حقوقها كاملة.
ومن ضمن أسباب حرمان المرأة من الإرث:
أولاً: العادات والتقاليد:
في بعض مجتمعاتنا تُعتبر المرأة "غير جديرة" بامتلاك الأرض أو المال او الممتلكات، ويتم التعامل مع نصيبها كـ "جزء من إرث العائلة" الذي يجب أن يبقى في يد الذكور.
ثانياً: الموروثات الثقافية:
فالبعض يُروج لفكرة أن إرث المرأة قد يذهب إلى عائلة زوجها بعد زواجها، مما يسبب "خسارة" للعائلة الأصلية أو المجتمع الفلاني.
ثالثاً: الجهل والتجاهل المتعمد بالشريعة الإسلامية:
وعدم الوعي بأحكام الإسلام المتعلقة بالإرث يؤدي إلى انتهاك صارخ لحقوق المرأة، رغم وضوح النصوص القرآنية والأحاديث النبوية في توزيع الميراث.

رابعاً: الضغوط الاجتماعية:
حيث تواجه بعض النساء أحياناً ضغوطاً من الأسرة للتنازل عن نصيبهن في الإرث بدعوى "التضامن العائلي" أو "المصلحة العامة".
خامساً: التطبيق العرفي بدل الشرعي:
ففي بعض المناطق، تُفضَّل الأعراف والتقاليد القبلية أو الاجتماعية على أحكام الشريعة والقانون.

سادساً: ضعف الوضع الاقتصادي للمرأة:
فالنساء اللواتي يعتمدن مادياً على أسرهن قد يخشين المطالبة بحقوقهن خوفاً من قطيعة الرحم أوغضب بعض أفراد الأسرة مثل الأباء والأخوة والأبناء ونقص التبعية الكاملة لهم.
أما نتائج حرمان المرأة من حقوقها في الإرث:
أولاً: ظلمها أسرياً وإجتماعياً:
حيث يؤدي حرمان المرأة من إرثها إلى زيادة الفجوة في العدالة الاجتماعية بين الجنسين.

ثانيا: التهميش الاقتصادي:
فالمرأة المحرومة من الإرث تفقد فرصة تحقيق الاستقلال المالي والشعور بلذة حقوقها إنسانياً ونفسياً مما يجعلها أكثر عرضة للفقر والتهميش والشعور الدائم بالنقص.
ثالثا: إضعاف للقيم الإسلامية:
وتجاهل أحكام الميراث الشرعية يعكس انحرافًا عن مبادئ العدالة والمساواة التي يدعو إليها الإسلام.

رابعا: النزاعات الأسرية:
فقد يؤدي حرمان المرأة من حقها في الإرث إلى تفاقم النزاعات داخل الأسرة، مما يضعف الروابط الأسرية.

ولكن هناك بعض الحلول لمعالجة هذه الظاهرة المقيتة والتي لايمكن أن يكون لها صلة بثقافات المجتمعات المتحضرة والمتعلمة والواعية.

فالواجب تعزيز الوعي الشرعي:
ونشر ثقافة حقوق المرأة في الإرث من خلال المساجد، ووسائل الإعلام، والتواصل الإجتماعي وبرامج التعليم.

بالإضافة الى تطبيق:
تفعيل القوانين التي تُجرّم منع المرأة من إرثها، وضمان وصولها إلى نصيبها الشرعي.

ومن الحلول دعم المرأة قانونيًا:
بإنشاء مؤسسات حقوقية او تطوع بعض رجال القانون والمحامات بتقديم المساعدات القانونية المجانية للنساء المطالبات بحقوقهن في الإرث.

كذلك التواصل مع القيادات المجتمعية:
والعمل مع شيوخ وزعماء القبائل والوجهاء والعمد لتغيير العادات التي حرمت المرأة منذ عقود طويلة حقوقها الخاصة في مايتعلق بالتركة والإرث.

وتعزيز دور المرأة في الاقتصاد من خلال برامج التدريب والتوظيف، ما يخفف من تبعيتها لبعض الأسر الظالمة لحقوقها.

وأخيراً ان الإرث ليس هبة أو منة تعطى للمرأة، بل هو حق شرعي كفله الإسلام لها وحرمانها منه هو تعدٍ على حدود الله ومخالفة صريحة لتعاليم الدين الإسلامي في الميراث، وليس فقط واجباً دينياً، بل مسؤولية إجتماعية لتعزيز التماسك الأسري والمساواة في مجتمعنا الإسلامي.
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر