#عــــــاجل الحقيقة

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

نسرين

نسرين
بقلم :محمد الرياني 
أنا ونسرين صديقتان منذُ الصغر ، لانكادُ نفترقُ ولا توجدُ بيننا صلةُ قربى تجمعنا ، هي من عائلةٍ وأنا من عائلةٍ أخرى ؛ لكنَّ الصداقةَ جمعتْ بيننا لدرجةٍ لا يتصورُها أحد ، أحيانًا نعودُ من المدرسةِ فلا أذهبُ إلى بيتِ أهلي ، أعودُ معها إلى بيتهم ، عمري الصغيرُ لايسمحُ لي بالتفكيرِ في العواقبِ وعقابِ أهلي ، أنسى نفسي فأتناول طعامَ الغداءِ معها ثم أعود أجرُّ حقيبتي المُثقلةَ بالكتبِ والدفاترِ وبعضِ الأشياءِ التي أشتريها من البقالةِ المجاورةِ للمدرسة ، أمي تعرفُ أنني أعودُ مع صديقتي الصغيرةِ التي تفعلُ الشيءَ نفسَه معي فتعود أحيانًا كي تشاركني طعامَ أسرتي ، كبرنا وكبرَ الحُبُّ بيننا ، وعندما تغيبُ عن المدرسةِ أشعرُ باكتئابٍ بالغٍ وأريدُ لليومِ أن يمرَّ سريعًا كي أعرفَ ماذا جرى لها ؟ وعندما أغيبُ عن المدرسةِ تستأذنُ لتحضرَ إليَّ وتخبرني عن اليومِ الأسودِ الذي عاشتْه والحصصِ القاتمة ، نسرين بلغتِ الـثامنةَ عشرةَ من عمرها وأنا كذلك ، أخذتْ من ورود النسرين كلَّ شذى الجَمالِ وبصراحةٍ هي أجملُ مني بكثيرٍ ومع هذا ارتبطنا بصداقةٍ يُضربُ بهذا المثل ، تخرجنا من الثانويةِ وجاءها الخُطَّابُ يطرقون بابَ أهلها ، تزوجتْ وحمَلتْ سريعًا وعندما أزورها أرى بطنَها المترهِّلَ الذي يمتدُّ أمامها ، أمازحُها وأذكِّرها بأيامِ الدراسةِ وشقاوةِ الطالباتِ والحركاتِ البريئةِ مع الزميلاتِ والمعلمات ، همستْ في أذني بأنها إذا أنجبتْ بنتًا ستسميها على اسمي ، فرحتُ كثيرًا لدرجةِ أنني بدأتُ أشتري الهدايا والألعابَ للمولودةِ القادمةِ وأمها مع بداياتِ حمْلها دون التأكدِ من جنسِ المولود، مرَّتِ الأشهر وحان موعدُ ولادتِها ، أنجبتْ بنتًا في غايةِ الحُسنِ تشبه جَمالَ أمها ، سمَّتْها على اسمي ، فرحتُ كثيرًا ، جلبتُ الهدايا معي وعليها اسمُ الأمِّ والابنة الصغيرة ، قالت لي: ستكونين عروسًا ذاتَ يومٍ وستلدين بنتًا جميلةً مثلك ؛ اسمها نسرين ، ابتسمتُ بحياءٍ وأنا أنظرُ إلى نفسي وأتساءلُ هل يأتي ذلك اليومُ الذي أَلِدُ فيه (نسرين) ؟ عدتُ إلى بيتِنا في الليلِ وأنا في غايةِ الفرح ، كانت أمي في انتظاري تزفُّ إليَّ خبرَ خطوبتي ، لم أشأ أن أنامَ الليلَ وهذا الخبرُ لم يصلْ بعد إلى صديقتي ، عدتُ كي أخبرَها بأن تستعدَّ بهديتها ،قامتْ نحوي وهي تتوجعُ من ألمِ النفاس ، احتضنتْني ودموعُ الحُبِّ تهمي من عينيْها ، تمنيتُ أن تُطوى الليالي لأرى نسرين الصغيرةَ معي على فراشٍ واحدٍ وبجانبي صديقةُ العمر .
(مذكرات طالبة)
التعليقات 0
التعليقات 0
أكثر